تيسير المطالب في أمالي الإمام أبي طالب،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الباب الرابع عشر في الخطب والمواعظ وما يتصل بذلك

صفحة 320 - الجزء 1

  بِلَا مُشَاوَرَةٍ وَلَا مُظَاهَرَةٍ، وَلَا يَسْأَلُ أَحَدًا عَنْ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَأَرَادَهُ، وَلَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ الْعَلِيُّ الْجَبَّارُ.

  أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ الْمَخْدُوعَةُ، انْخَدَعَتْ وَعَرَفَتْ خَدِيعَةَ مَنْ خَدَعَهَا، فَأَصَرَّتْ عَلَى مَا عَرَفَتْ، وَاتَّبَعَتْ أَهْوَاءَهَا وَضَرَبَتْ فِي عَشْوَاءِ غَوَايَتِهَا، وَقَدِ اسْتَبَانَ لَهَا الْحَقُّ فَصَدَّتْ عَنْهُ، وَالطَّرِيقُ الْوَاضِحُ فَتَنَكَّبَتْهُ.

  أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ لَوِ اقْتَبَسْتُمُ الْعِلْمَ مِنْ مَوْضِعِهِ، وَشَرِبْتُمُ الْمَاءَ بِعُذُوبَتِهِ، وَأَخَذْتُمْ مِنَ الطَّرِيقِ وَاضِحَهُ لَأَنْهَجَتْ لَكُمُ السُّبُلُ، وَبَدَتْ لَكُمُ الْأَعْلَامُ وَلَأَكَلْتُمْ رَغَدًا، وَلَا عَالَ فِيكُمْ عَائِلٌ، وَلَا ظُلِمَ مِنْكُمْ مُسْلِمٌ وَلَا مُعَاهَدٌ، وَلَكِنَّكُمْ سَلَكْتُمْ سُبُلَ الظَّلَامِ فَأَظْلَمَتْ عَلَيْكُمْ دُنْيَاكُمْ بِرُحْبِهَا، وَسُدَّتْ عَلَيْكُمْ أَبْوَابُ الْعِلْمِ فَقُلْتُمْ بِأَهْوَاءِكُمْ وَاخْتَلَفْتُمْ فِي دِينِكُمْ، فَأَفْتَيْتُمْ فِي دِينِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَاتَّبَعْتُمُ الْغُوَاةَ فَأَغْوَتْكُمْ، وَتَرَكْتُمُ الْأَئِمَّةَ فَتَرَكُوكُمْ، فَإِذَا حَزَبَ الْأَمْرُ سَأَلْتُمْ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا أَنْبَؤُوكُمْ قُلْتُمْ: هُوَ الْعِلْمُ بِعَيْنِهِ، فَكَيْفَ وَقَدْ تَرَكْتُمُوهُ؟! وَنَبَذْتُمُوهُ؟! وَخَالَفْتُمُوهُ؟!

  رُوَيْدًا عَمَّا قَلِيلٍ تَحْصِدُونَ غِبَّ مَا تَزْرَعُونَ، وَتَجُذُّونَ وَخِيمَ مَا اجْتَرَحْتُمْ، وَيَنْزِلُ بِكُمْ مَا وُعِدْتُمْ كَمَا نَزَلَ بِالْأُمَمِ قَبْلَكُمْ، وَإِلَى اللهِ غَدًا تَصِيرُونَ، وَسَيَسْأَلُكُمُ اللهُ عَنْ أَئِمَّتِكُمْ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)⁣(⁣١).

  ٣٧١ - وبه قال: أخبرنا أبو أحمد علي بن الحسين بن علي الديباجي ببغداد، قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن عبدالرحمن بن عيسى بن ماتي، قال: حدثنا محمد بن منصور، قال: حدثنا حسين بن نصر، عن خالد بن عيسى، قال: حدثنا حسين⁣(⁣٢) بن أبي عبدالرحمن، عن سعد بن طَريف، عن الأَصْبَغ بن نُباتَةَ قال:


(١) رواها الشهيد حميد في الحدائق الوردية ١/ ١٠٧ والسيد العلامة الأوحد الحسن بن الحسين بن محمد ¦ في التعليق الوافي على كتاب الشافي ٣/ ٦٢١ والسيد العلامة المجتهد علي بن محمد العجري ¦ في المنتزع المختار فيما يتعلق بالاعتقادات من الأحاديث والآثار ص ٣٢، والكليني في الكافي ط دار الحديث ١٥/ ٩٢.

(٢) الصواب: حصين وهو ابن أبي عبد الرحمن السلمي أبو الهذيل الكوفي أحد الأعلام، وثقه أحمد =