الباب الثامن والعشرون في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما يتصل بذلك
  قال: وكان يقول مُعَرِّضاً بأبي جعفر: أَيُّهَا الْقَائِلُ بِالْأَمْسِ إِنْ وَلِينَا عَدَلْنَا وَفَعَلْنَا وَصَنَعْنَا - فَقَدْ وَلِيتَ، فَأَيَّ عَدْلٍ أَظْهَرْتَ؟! وَأَيَّ جَوْرٍ أَزَلْتَ؟! وَأَيَّ مَظْلُومٍ أَنْصَفْتَ؟! آهْ مَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالْبَارِحَةِ! إِنَّ فِي صَدْرِي حَرَارَاتٌ لَا يُطْفِيهَا إِلَّا بَرْدُ عَدْلٍ أَوْ حَرُّ سِنَانٍ، وَتَكَلَّمَ بِهَذَا وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ يَخْطُبُ فَبَكَى حَتَّى كَادَ يَسْقُطُ مِنَ الْمِنْبَرِ(١).
  ٦١٩ - وبه قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا عبدالله بن سلَّام، قال: أخبرنا أبي، قال: أخبرنا محمد بن منصور، قال: حدثني أبو عبدالله - يعني أحمد بن عيسى -، عن حسين بن عُلْوان، عن أبي خالد، عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن علي $، قال:
  قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷: «مَنْ دَعَا عَبْدًا مِنَ الشِّرْكِ إِلَى الْإِسْلَامِ فَأَجَابَهُ كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَعِتْقِ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ يَعْقُوبَ #»(٢).
  ٦٢٠ - وبه قال: حدثنا أبو محمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالله القاضي ببغداد، قال: حدثنا علي بن الحسن بن العبد، قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، قال:
(١) رواه أبو الفرج في مقاتل الطالبيين ص ٢٩٣، قال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان في تواريخ الأعيان ١٢/ ١٤٨: وكان فقهاء الكوفة والبصرة يُحرِّضون النَّاس على القتال مع محمَّد وإبراهيم، فقال عبدالله بن إدريس: رأيت أَبا حنيفة وهو قائم على درجته، ورجلان يستفتيانه في الخروج مع محمَّد وإبراهيم فقال: أسرعا ولا تَنِيا. وقال الأَعمش لجماعة من أعيان الكوفة: ما يُقعدكم عنه؟ والله لو كنت بصيرًا ما سبقني إليه أحد. وقال هشام بن حسان: قاتلوا أَبا الدوانيق. وسئل شعبة عن هذا فقال: القتال مع إبراهيم مثل القتال ببدر الصغرى. وكان صالح الْمُرِّي بالبصرة يخطب ويقول: قاتلوا المارق مع ابن رسول الله ÷ وابن عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليه. وكان بشير الرحَّال يقصُّ بالبصرة على النَّاس، ويعرِّض بأبي جعفر ويقول: العصبي من العصبة، ما أشبه الليلة بالبارحة، أيها النَّاس، قاتلوا مَن أماتوا الكتاب والسنة، وعطَّلوا الحدود، ودَعَوا إلى طاعتهم دون طاعة الله. وكان يمشي في الأسواق ويقول: أيها النَّاس، كنتم تلتمسون رجلًا يقوم بالعدل فقد أتاكم الله به، فانصروه تَرشدوا، وقوموا معه تُفلحوا، فمَن قَدَر على الخروج بنفسه فليخرج، ومن لم يقدر فليُعنه بالمال والسلاح ... إلخ.
وانظر التذكرة الحمدونية ٣/ ١٩٦ ونثر الدر للآبي ٣/ ٥٩ والبصائر والذخائر لأبي حيان ٧/ ١٥٢ وتنبيه الخواطر ونزهة النواظر لرام بن أبي فراس الأشتري ١/ ٥٢ وربيع الأبرار للزمخشري ٣/ ١٥٦.
(٢) رواه حسين بن سعيد الكوفي في الزهد ص ٢٠.