الباب الثاني والثلاثون في الترغيب في اكتساب الخير وما يتصل بذلك
  أبو النضر هشام بن القاسم(١)، قال: حدثنا عبدالله بن المبارك، عن أبي بكر بن عبدالله بن أبي مريم، عن أبي ضمرة بن حبيب(٢)، عن شداد بن أوس:
  عَنِ النَّبِيِّ ÷ قَالَ: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ ø»(٣).
  ٦٨٥ - وبه قال: حكى القاضي أبو عبدالله الوليدي في كتاب الألفاظ، عن الناصر للحق الحسن بن علي # قال: سمعته يقول:
  كَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ #، يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مَمْلُولٌ مِنْهُ(٤)، إِذَا أَضَرَّتِ النَّوَافِلُ بِالْفَرِيضَةِ فَارْفُضُوهَا(٥). قَالَ: وَسَمِعْتُهُ - يَعْنِي النَّاصِرَ # - يَقُولُ وَيُرَدِّدُ هَذَا كَثِيرًا: مَنْ أَخَافَكَ حَتَّى يَطْرَحَكَ فِي الْأَمْنِ خَيْرٌ مِمَّنْ أَمَّنَكَ حَتَّى يَطْرَحَكَ فِي الْخَوْفِ.
(١) الصواب: أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ. (هامش ب). قال في هامش (هـ): وفي نسخة هاشم وهو هاشم بن القاسم الليثي أبو النضر بضاد معجمة الخراساني قيصر الحافظ مات سنة سبع ومائتين، والله أعلم. (هامش هـ).
(٢) الصواب: عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ حَبِيبٍ، وهو ضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبِ بْنِ صُهَيْبٍ الزُّبَيديُّ أَبُو عتبةَ الحمصيُّ، مَوْلَى أَبِي رَيْحَانَةَ.
(٣) أخرجه أبو نعيم الأصبهاني في حلية الأولياء ١/ ٢٦٧ وفي ٨/ ١٤٧، وأخرجه ابن عساكر في معجمه ١/ ٣٠٠، وأخرجه أحمد في المسند ط الرسالة ٢٨/ ٣٥٠، وأبو داود الطيالسي في مسنده ٢/ ٤٤٥، والبزار في مسنده ٨/ ٤١٧، والطبراني في مسند الشاميين ٢/ ٣٥٤، وفي المعجم الكبير ٧/ ٢٨٤، ونعيم بن حماد في الزهد والرقائق لابن المبارك والزهد لنعيم بن حماد ١/ ٥٥.
(٤) وبلفظ قريب رواه الشريف الرضي في نهج البلاغة في ص ٥٢٥.
(٥) رواه الشريف الرضي في نهج البلاغة ص ٤٧٥: «لَا قُرْبَةَ بِالنَّوَافِلِ إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِض». وفي ص ٥٢٥ «إِذَا أَضَرَّتِ النَّوَافِلُ بِالْفَرَائِضِ فَارْفُضُوهَا». قال الإمام يحيى بن حمزة في الديباج الوضي في الكشف عن أسرار كلام الوصي ٦/ ٣٣: قوله (لا قربة بالنوافل): أي: لا يُتْقَرَبُ بها ولا تفعل، أي: ولا تكون مقبولة عند الله تعالى. وقوله (إذا أضرت بالفرائض): يشير إلى وجهين: أما أولًا: فبأن يتنفل حتى يستغرق الوقت في فعل النوافل، ثم يؤدي الفرائض على إدبار من أوقاته. وأما ثانيًا: فبأن يكون متنفلًا حتى تفتر أعضاؤه، ثم يؤدي الفرائض بعد ذلك على نقصان وفتور في أركانها، فما هذا حاله لا وجه للنوافل معه لما فيه من الضرر بها.