الباب السابع والثلاثون في الأدب والإرشاد إلى مكارم الأخلاق وما يتصل بذلك
  أَنْشَأَتْ تَقُولُ: [الوافر]
  بَقَرْتَ شُوَيْهَةً وَفَجَعْتَ قَوْمًا ... بِشَاتِهِمُ وَأَنْتَ لَهُمْ رَبِيبُ(١)
  غُذِيتَ بِدَرِّهَا وَرُبِيتَ فِينَا ... فَمَا أَدْرَاكَ أَنَّ أَبَاكَ ذِيبُ(٢)
  ٧٥١ - (حِكَايَةٌ) وبه قال: حكى لنا أبو الحسن علي بن مهدي، قال:
  رُوِيَ أَنَّ أبا عَمْرِو بْنَ الْعَلَاءِ اجْتَمَعَ مَعَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: إِنَّ اللهَ وَعَدَ وَعْدًا وَأَوْعَدَ إِيعَادًا، فَهُوَ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ وَوَعِيدَهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَمْرٍو: يَا أَبَا عُثْمَانَ؛ لَيْسَ لَكَ عِلْمٌ بِاللُّغَةِ، أَوَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْعَرَبَ تَعُدُّ الرُّجُوعَ عَنِ الْوَعْدِ لُؤْمًا وَعَنِ الْوَعِيدِ كَرَمًا، وَأَنَّ الْعَفْوَ عِنْدَ الْعَرَبِ لَيْسَ بِخُلْفٍ، وَأَنْشَدَ قَوْلَ الشَّاعِرِ: [الطويل]
  وَإِنِّي وَإنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ ... لَيَكْذِبُ إِِيْعَادِي وَيَصْدُقُ مَوْعِدِي(٣)
  قال السيد الإمام أبو طالب: إِنَّ ابْنَ مَهْدِيٍّ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ مِنَ الْخَبَرِ، وَبَتَرَ هَذِهِ الْحِكَايَةَ، وَلَمْ يَحْكِ جَوَابَ أَبِي عُثْمَانَ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ، وَمَا أَظُنُّ أَنَّهُ سَقَطَ عَنْهُ، فَإِنَّ الْجَوَابَ مَقْرُونٌ بِهَذِهِ الْحِكَايَةِ فِي الرِّوَايَاتِ(٤)، وَهُوَ أَنَّ أَبَا عُثْمَانَ قَالَ لَهُ حِينَ
(١) وَأَنْتَ لَهَا رَبِيبُ نسخة «ب».
(٢) تمامه:
إذا كان الطباع طباع سوء ... فليس بنافع أدب الأديب
وفيه إقواء. تمت من خطِّ الإمام الحجة مجدالدين بن محمد المؤيدي #.
(*) رواه البيهقي في شعب الإيمان ١٣/ ٣٤٩، وأبو يعلى التنوخي في القوافي، ومحمد بن أيدمر في الدر الفريد وبيت القصيد ٣/ ٧٢، والدَّمِيري في حياة الحيوان الكبرى ١/ ٥٠٠، وابن حجة الحموي في ثمرات الأوراق في المحاضرات ٢/ ٢٧١.
(٣) ورواه ابن قتيبة الدِّينَوري في عيون الأخبار ٢/ ١٥٨، وأبو بكر الزبيدي في طبقات النحويين واللغويين ص ٣٩، وأبو المحاسن التنوخي في تاريخ العلماء النحويين ص ١٤٤، وأبو حيّان التوحيدي في البصائر والذخائر ١/ ١٧٧، والخطيب البغدادي في تاريخ بغداد وذيوله ط العلمية ١٢/ ١٧٣، والراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء ٢/ ٤٤١.
(٤) ورواه أبو المحاسن التنوخي في تاريخ العلماء النحويين ص ١٤٥، والراغب الأصفهاني في محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء ٢/ ٤٤١، والزمخشري في ربيع الأبرار ٢/ ٥٣، والإمام أحمد بن سليمان # في حقائق المعرفة ص ٢٢٥.