الباب السابع والأربعون في التحذير عن معاصي الله وما يتصل بذلك
  وَمَنِ اسْتَغْنَى بِأَمْرٍ أَوْ تِجَارَةٍ اسْتَغْنَى اللهُ عَنْهُ، وَاللهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ»(١).
  ٨٢٩ - وبهذا الإسناد إلى السيد أبي طالب ¥، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني |، قال: أخبرنا عبدالله بن يوسف البكري، قال: حدثنا الفضل بن سعيد العَتَكي، قال: حدثنا أبو نصر، قال: حدثنا سعد بن سعيد، عن أبي ظبية، عن كرز بن وبرة، عن الربيع بن خُثَيْم أن سلمان الفارسي رحمة الله عليه قال:
  قَالَ رَسُولُ اللهِ ÷: «مَنِ اسْتَلْقَى عَلَى الْمَأْثُورِ، وَلَبِسَ الْمَشْهُورَ، وَرَكِبَ الْمَنْظُورَ، وَأَكَلَ الشَّهَوَاتِ(٢) لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ أَبَدًا»(٣).
(١) روى الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد ١/ ٥٢٥ أن النبي ÷ قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا على مريض أو مسافر». والإمام أحمد بن سليمان # في أصول الأحكام ١/ ١٦٢، والأمير الحسين # في شفاء الأوام ١/ ٧٥٤، والشيخ العلامة المحقق الشهيد ¥ في الغطمطم الزخار ٣/ ٢٨٤ وقال: فقد أخرج الدارقطني والبيهقي من حديث جابر: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا مريض أو مسافر أو امرأة أو صبي أو مملوك». والدارقطني في السنن ٢/ ٥٠٣، وحمزة السهمي في تاريخ جرجان ص ١٩١، وأبو بكر البيهقي في السنن الكبرى ت التركي ٦/ ٩٥٢ وفي شعب الإيمان ٤/ ٣٢٤.
(٢) قال السيد العلامة الحجة محمد بن عبدالله عوض الضحياني أيده الله في ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد (٢/ ٣٢٩): روى علي بن بلال عن أبي العباس الحسني ثم ساق السند إلى النبي ÷ قال: «من استلقى على المأثور، ولبس المشهور، وركب المنظور، وأكل الشهوات - لم يشم رائحة الجنة». قلت: المأثور هو: الفراش الوثير الناعم. ولبس المشهور معناه: لبس الثياب التي يستعظمها الناس حين يرونها (وكأنها ذات الألوان الزاهية). وركب المنظور معناه: ركب المركب الذي يرفع إليه الناس أبصارهم لعظمه وحسنه. وأكل الشهوات: معناه يأكل ما يلذ للنفس ويطيب. نعم، يمكن أن يكون المقصود الذي يفعل ذلك للترفع على الناس والتعظم؛ لأن من كان كذلك قلَّ أن يسلم من الكبر والترفع والإعجاب، ولذلك قال تعالى: {۞وَلَوۡ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزۡقَ لِعِبَادِهِۦ لَبَغَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ}[الشورى ٢٧]. والذي أحوجنا إلى هذا التأويل: أن المذكور في الحديث كله حلال؛ بدليل قوله تعالى: {قُلۡ مَنۡ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَ لِعِبَادِهِۦ وَٱلطَّيِّبَٰتِ مِنَ ٱلرِّزۡقِۚ قُلۡ هِيَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا}[الأعراف ٣٢]، اللهم إلا لبس الذهب والحرير والأحمر والأصفر. انتهى.
(٣) رواه الشيخ العلامة علي بن بلال ¥ في شرح الأحكام خطية وهو في إعلام الأعلام بأدلة الأحكام ص ٣٥، ورواه ابن الجوزي في بحر الدموع ص ٧٩ وأيضا في صفوة الصفوة ١/ ٢٠٥، وله شواهد منها ما رواه الثعلبي في تفسيره الكشف والبيان ١٧/ ٤٠٨، والزمخشري في الكشاف ٣/ ٢٦، والنيسابوري، نظام الدين القمي في تفسيره غرائب القرآن ورغائب الفرقان ٤/ ٤٩٥.