الباب الأول في ذكر معجزات النبي ÷ ودلائله
  فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ وَلَيْسَ لَهُ ذِرَاعٌ، عَلَى رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ، عَلَيْهَا شَعَرَاتٌ بِيضٌ» فَتَذْهَبُونَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَإِلَى أَهْلِ الشَّامِ؛ وَتَتْرُكُونَ هَؤُلَاءِ يَخْلُفُونَكُمْ فِي ذَرَارِيكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَاللهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ مَا(١) قَدْ سَفَكُوا الدِّمَاءَ، وَأَغَارُوا فِي سَرْحِ النَّاسِ، فَسِيرُوا عَلَى اسْمِ اللهِ.
  قَالَ سَلَمَةُ: فَنَزَلَنِي زَيْدٌ مَنْزِلًا مَنْزِلًا حَتَّى مَرَرْنَا عَلَى قَنْطرَةٍ، قَالَ: فَلَمَّا الْتَقَيْنَا وَعَلَى الْخَوَارِجِ عَبْدُاللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَلْقُوا الرِّمَاحَ وَسُلُّوا سُيُوفَكُمْ مِنْ جُفُونِهَا؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُنَاشِدُوكُمْ كَمَا نَاشَدُوكُمْ بِحَرُورَاءَ، قَالَ: فَرَجَعُوا فَسَلُّوا السُّيُوفَ، قَالَ: وَشَجَرَهُمُ النَّاسُ بِرِمَاحِهِمْ، وَقُتِلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَمَا أُصِيبَ يَوْمَئذٍ مِنَّا إِلَّا رَجُلَانِ.
  فَقَالَ عَلِيٌّ #: الْتَمِسُوا فِيهِمُ الْمُخْدَجَ، فَالْتَمَسُوهُ فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَقَامَ عَلِيٌّ # حَتَّى أَتَى نَاسًا قَتْلَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَقَالَ: أَخْرِجُوهُمْ، فَوَجَدُوهُ فِيمَا يَلِي الْأَرْضَ، فَكَبَّرَ عَلِيٌّ #، فَقَالَ: صَدَقَ اللهُ، وَبَلَّغَ رَسُولُ اللهِ ÷، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبِيدَةُ(٢)، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؛ آللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ÷؟ قَالَ: إِيْ وَاللهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ ÷(٣).
(١) «ما» مصدرية والخافض محذوف أي لما قد سفكوا ... الخ والمعنى: وَاللهِ إنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونُوا هَؤُلاءِ الْقَومَ لسفكهم الدماء ... الخ.
(٢) بفتح العين المهملة بعدها موحدة مكسورة، ابن عمرو وقيل: ابن قيس بن عمرو، أبو مسلم ويقال: أبو عمرو السلماني بسكون اللام، من بني سلمان بن يشكر بن ناجية بطن من مراد، أحد المخضرمين، قيل: مات النبي ÷ وهو في الطريق فلم يلقه، مات سنة اثنتين أو ثلاث وسبعين. (هامش هـ) وفي هامش (١٧٣) منها زاد: روى عن علي # وابن مسعود.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ١٠/ ١٤٧، وأيضا في الأمالي في آثار الصحابة ص ٩٠، وأحمد في المسند ٢/ ١١٣، ومسلم في الصحيح من طريق عبد الرزاق ٢/ ٧٤٨، وأبو داوود في السنن ٤/ ٢٤٤، والنسائي في الخصائص ص ١٩١، وغيرهم كثير.