الباب الرابع والستون في ذكر الجنة والنار وما يتصل بذلك
  لِلنَّاسِ حُسْنًا، وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا، وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا.
  أُولَئِكَ - يَا أَحْنَفُ - انْتَجَعُوا دَارَ السَّلَامِ، الَّتِي مَنْ دَخَلَهَا كَانَ آمِنًا، فَلَعَلَّكَ شَغَلَكَ - يَا أَحْنَفُ - نَظَرُكَ إِلَى وَجْهِ وَاحِدَةٍ تُبِيدُ الْأَسْقَامُ غَضَارَةَ وَجْهِهَا، وَدَارٍ قَدِ اشْتَغَلْتَ بِتَقْرِيبِ فِرَاقِهَا، وَسُتُورِ عُلْقَتِهَا، وَالرِّيَاحُ وَالْأَيَّامُ مُوكَلَةٌ بِتَمْزِيقِهَا، وَبِئْسَتْ لَكَ دَارًا مِنْ دَارِ الْبَقَاءِ.
  فَاحْتَلْ لِلدَّارِ الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ ø مِنْ لُؤْلُؤَةٍ بَيْضَاءَ، فَشَقَّ فِيهَا أَنْهَارَهَا، وَغَرَسَ فِيهَا أَشْجَارَهَا، وَأَظَلَّ عَلَيْهَا بِالنُّضْجِ مِنْ ثِمَارِهَا، وَكَنَسَهَا بِالْعَوَاتِقِ مِنْ حُورِهَا، ثُمَّ أَسْكَنَهَا أَوْلِيَاءَهُ وَأَهْلَ طَاعَتِهِ.
  فَإِنْ فَاتَكَ - يَا أَحْنَفُ - مَا ذَكَرْتُ لَكَ فَلَتَرْفُلَنَّ فِي سَرَابِيلِ الْقَطِرَانِ، وَلَتَطُوفَنَّ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ، فَكَمْ يَوْمَئِذٍ فِي النَّارِ مِنْ صَلْبٍ مَحْطُومٍ، وَوَجْهٍ مَشْئُومٍ.
  وَلَوْ رَأَيْتَ وَقَدْ قَامَ مُنَادٍ يُنَادِي: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ وَنَعِيمِهَا، وَحُلِيِّهَا، وَحُلَلِهَا؛ خُلُودًا لَا مَوْتَ، ثُمَّ يَلْتَفِتُ إِلَى أَهْلِ النَّارِ فَيَقُولُ: يَا أَهْلَ النَّارِ، يَا أَهْلَ السَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ، خُلُودًا لَا مَوْتَ، فَعِنْدَهَا انْقَطَعَ رَجَاؤُهُمْ، وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ، فَهَذَا مَا أَعَدَّ اللهُ ø لِلْمُجْرِمِينَ، وَذَلِكَ مَا أَعَدَّ اللهُ ø لِلْمُتَّقِينَ(١).
  ٩٩٣ - وبه قال: أخبرنا أبو أحمد عبدالله بن عدي الحافظ، قال: حدثنا علي بن إسماعيل بن حماد أبو الحسن البزاز ببغداد، قال: حدثنا عمرو بن علي، قال: حدثنا عيسى بن شعيب، قال: حدثنا عَبَّاد بن منصور، عن أبي رجاء، عن سَمُرَةَ بن جُنْدُبٍ:
  أَنَّ رَسُولَ اللهِ ÷ سُئِلَ عَنْ أَطْفَالِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: «هُمْ خَدَمُ أَهْلِ الْجَنَّةِ»(٢).
(١) رواه القاضي عبدالله العنسي في الإرشاد ص ٤٦٠، والشهيد حميد في الحدائق الوردية ١/ ١٣١ والصدوق في كتاب صفات الشيعة رقم الخبر (٦٣) ص ٨١ والمجلسي في بحار الأنوار ٦٨/ ١٧٠ والبروجردي في جامع الأحاديث ٥/ ١٧٢ و ٧/ ١٢٤ والمحمودي في نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة ١/ ٤٣٩.
(٢) رواه الطبراني في المعجم الأوسط ٢/ ٣٠٢ وفي المعجم الكبير ٧/ ٢٤٤ والبزار في مسنده ١٠/ ٣٨٤ والروياني في مسنده ٢/ ٦٣ وصهيب عبد الجبار في الجامع الصحيح للسنن والمسانيد ٣/ ٤٠١.