[مقدمة القاضي جعفر]
[مقدمة القاضي جعفر]
  
  أَمَّا بَعْدَ حَمْدِ اللهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ مِنَ الْهِدَايَةِ وَالدِّرَايَةِ، وَمَنَحَهُ مِنَ الْإِرْشَادِ فِي الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ، وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ؛ فَإِنِّي كُنْتُ اطَّلَعْتُ عَلَى أَمَالِي السَّيِّدِ الْإِمَامِ النَّاطِقِ بِالْحَقِّ أَبِي طَالِبٍ يَحْيَى بْنِ الْحُسَيْنِ الْهَارُونِيِّ ¥ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي رَوَاهَا عَنِ النَّبِيِّ ÷، وَفِيمَا رَوَاهُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ # مِنَ الْخُطَبِ وَالْآدَابِ والْحِكَمِ، وَمَا رَوَاهُ عَنِ الْأَئِمَةِ مِنْ وَلَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ الرُّوَايَاتِ وَالْآدَابِ وَالْأَبْيَاتِ الْمَرْوِيَّةِ عَنْ غَيْرِهِمْ، وَكُنْتُ قَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ بِالنَّقْلِ الْمَوثُوقِ بِهِ إِلَى السَّيِّدِ أَبِي طَالِبٍ ¥، فَرَأَيْتُ الْكِتَابَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ مَحَاسِنِ الْكُتُبِ وَنَفَائِسِ التَّصَانِيفِ، غَيْرَ أَنَّ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَتَمَيَّزْ فِيهِ بَابٌ عَنْ بَابٍ، وَلَا أُلحِقَ فِيهِ الْخَبَرُ بِمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ، بَلْ كَانَ الْمَجْلِسُ مِنْ أَمَالِيهِ ¥ يَحْتَوِي عَلَى أَخْبَارٍ مِنْ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ، نَحْوَ التَّرْغِيبِ فِي الْعِلْمِ وَذِكْرِ أُمَرَاءِ السُّوءِ، وَذِكْرِ حَقَائِقِ الْإِيمَانِ وَمَا يَجْرِي هَذَا الْمُجْرَى، وَعَلِمْتُ أَنَّهُ مَتَى رَغِبَ رَاغِبٌ فِي النَّظَرِ فِي خَبَرٍ مِنْهُ أَحْوَجَهُ ذَلِكَ إِلَى تَفْتِيشٍ طَوِيلٍ وَعِنَايَةٍ شَدِيدَةٍ، وَرُبَّمَا لَا يَظْفَرُ بِمَا يُرِيدُهُ إِلَّا بِاعْتِبَارِ أَكْثَرِ الْكِتَابِ، وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْإِخْوَانِ الَّذِينَ قَوِيَتْ رَغْبَتُهُمْ فِي الْعِلْمِ، وَتَاقَتْ نُفُوسُهُمْ إِلَى الْفَائِدَةِ، فَسَأَلُونِي صَرْفَ الْعِنَايَةِ إِلَى تَرْتِيبِ الْكِتَابِ عَلَى وَجْهٍ يَسْهُلُ عَلَى الرَّاغِبِ فِيهِ نَيْلُ مَقْصُودِهِ مِنْهُ، فَأَجَبْتُهُمْ إِلَى مَا الْتَمَسُوهُ رَغْبَةً فِيمَا يَقْعُ بِهِ مِنَ الْمَنْفَعَةِ، وَتَعَرُّضًا بِهِ لِنَفَحَاتِ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَسَمَّيْتُهُ (كِتَابَ تَيْسِيرِ الْمَطَالِبِ فِي أَمَالِي السَّيِّدِ أَبِي طَالِبٍ) وَجَعَلْتُهُ أَبْوَابًا يَتْلُو بَعْضُهَا بَعْضًا عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِالتَرْتِيبِ، وَهِي أَرْبَعَةٌ وَسُتُونَ بَابًا:
  الْبَابُ الْأَوَّلُ مِنْهَا: فِي ذِكْرِ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ ÷ وَدَلَائِلِهِ.
  الْبَابُ الثَّانِي: فِي فَضَائِلِهِ وَحُسْنِ شَمَائِلِهِ.