الفصل الثالث: المعنى:
الفصل الثالث: المعنى:
  قوله [تعالى]: {وَلَا تَأْكُلُواْ أَمْوَٰلَكُم بَيْنَكُم بِالْبَٰطِلِ} معناه: لا يأكل بعضكم مال بعض بالظلم والغصب كما قال: {وَلَا تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْۖ}[النساء ٢٩] معناه: لا يقتل بعضكم بعضاً. وقيل: لا تأكلوا أموالكم باللهو واللعب، نحو القمار والملاهي. وقيل: لا تكسبوا المال بالباطل، معناه: بالأسباب المحرمة. وقيل: لا تأكلوها بالمعاصي والرشا.
  قوله تعالى: {وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَي اَ۬لْحُكَّامِ} معناه: تلقوا بها إلى القضاة. وقيل: هي الودائع وما لا تقوم عليه بينة، ذكره ابن عباس والحسن وقتادة. وقيل: هو مال اليتيم في يد الوصي فيأخذ منه بعضاً بالظاهر، ذكره أبو علي. وقيل: يقيم شهادة الزور، ذكره الكلبي. وقيل: هو أن يحلف ليذهب(١) حقه، ذكره الحسن. وقيل: هو أن يدفع إلى الحاكم رشوة ليحكم له ويذهب بالمال حراماً.
  قال الحاكم رحمة الله عليه: والصحيح أن يحمل على الجميع. وما ذكره الحاكم فهو الصحيح عندنا، ولا إشكال أن جميع ما ذكره المفسرون هو أكل بالباطل، فيحمل على الجميع، وهذا أولى؛ لأن القرآن في أعلى درجات الفصاحة وكثيرا ما يجمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل، وإذا كان هذا اللفظ يحتمل جميع هذه المعاني من غير دلالة مخصصة لبعض المعاني دون بعض وجب حملها على الجميع بلا محالة؛ لأن الجمع بينها لا يستحيل، وهذا ظاهر والحمد لله.
  قوله [تعالى]: {لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاٗ مِّنْ أَمْوَٰلِ اِ۬لنَّاسِ} معناه: قطعة من أموال الناس.
  قوله [تعالى]: {بِالْإِثْمِ} معناه: بالحرام الذي يستحق عليه العقاب فالذي يأكله آثم.
(١) الذي في (ب): لذهب حقه.