[مقدمة المؤلف]
  الأوهام، وتحار(١) فيها الأفهام، وكان علم الحلال والحرام فيه هو أكثر ما تعبد به المكلفون، وأعظم ما يحتاجه الْمُفتون والمستفتون، والعلم به من شروط الاجتهاد؛ لعظم حاجة العباد؛ [لأن العلوم العقلية طريقها كمال العقول الجبلية، وهي أصول(٢)] يبنى عليها الأحكام(٣) الشرعية، ورأيت العلماء رحمهم الله من أهل البيت $ وغيرهم من علماء الإسلام قد وضعوا من التفاسير فأكثروا، وطولوا وقصروا، ودققوا وحققوا، وأتوا على جميع المقصود، ورفلوا منه في أحسن البرود، إلا أن طالب الفائدة في الآيات المختصة بالحلال والحرام، لا يقع منها على القصد والمرام، إلا بعد تعب، وبحث وطلب؛ لأن الآية المختصة بذلك منغمسة بين الآيات والسور المختلفات، أو مفترقة منثورة في أجوبة السؤالات، فألقي في روعي - والحمد لله - أن أضع في ذلك تصنيفاً لم أُسبق إليه، وتأليفاً لم أزاحم عليه، حيث علمت من جهاتنا، ولا سمعته من علمائنا، منفرداً بتفسير الآيات المتعلقة بأحكام الشرع، متجرداً عما عداها من أصل وفرع، وأسوقها على ترتيب القرآن، وأجري في هذا الميدان، وأترك ذكر شيء من الآيات المتكررة؛ لكون المعنى فيها واحداً، وأكتفي بالكلام على بعضها، وذلك نحو الآيات المتكررة في الصلاة والزكاة وما جرى هذا المجرى، وإذا ورد آيتان تدلان على حكم شرعي وكانت الآية المتأخرة أظهر وأجلى في باب(٤) الدلالة من الآية المتقدمة تركت شرح الكلام في تفسير الآية المتقدمة وأحلت على الآية المتأخرة.
(١) في (ب): وتجاوز.
(٢) الذي في (ب): لا بالعلوم العقلية الجلية وهو أصل.
(٣) في (ب): العلوم.
(٤) «باب» بدلها في الأصل: (أن). وما أثبتناه من (ب).