المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الآية الحادية والخمسون: [في تحريم الربا]

صفحة 280 - الجزء 1

  إلا ما خصته دلالة، ولا يعارضها قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اَ۬للَّهُ اُ۬لْبَيْعَ وَحَرَّمَ اَ۬لرِّبَوٰاْۖ} لوجهين:

  أحدهما: أن هذه مبيحة وتلك حاظرة، والحظر أولى من الإباحة.

  الوجه الثاني: أن آية البيع عامة، وتلك خاصة ومن أصلنا بناء الخاص على العام، [ويزيد ما ذكرناه وضوحاً: قوله ÷: «ما اجتمع حرام وحلال إلا غلب الحرام الحلال»، وهذا يدل على أن الحظر أولى من الإباحة⁣(⁣١)].

  ويزيد ما ذكرناه وضوحاً: أن هذه زيادة في مقابلة الأجل فلا تصح، كما لو صرح بأن الزيادة في مقابلة الأجل لم تصح بالإجماع فكذلك إذا لم يصرح، وهما عارفان بذلك ولم يصرما البيع إلا لأجله.

  وكذلك⁣(⁣٢) فإن النص من الكتاب والسنة والإجماع قد صرحت بتحريم الربا على الجملة، وهذا أصل متقرر، فإذا علمنا ذلك رجعنا في ألفاظ النصوصات إلى ما تفيده تلك الألفاظ في الشرع، فإن عدمنا المعنى الشرعي رجعنا إلى المعنى اللغوي، وقد عرفنا أن لفظة الربا هي الزيادة لغة وشرعاً فيجب أن ننظر إلى الزيادة فأينما وجدناها من عقود البيع ليس عليها نص يخصها بتحليل ولا دليل قائم عليها علمنا أن تلك الزيادة محرمة وأنها من قبيل الربا.

  وإنما قلنا: الربا: هو الزيادة لغة وشرعاً أما الشرع فقوله تعالى: {وَتَرَي اَ۬لْأَرْضَ هَامِدَةٗ فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا اَ۬لْمَآءَ اَ۪هْتَزَّتْ وَرَبَتْ}⁣[الحج ٥] يعني: زادت وارتفعت، وقوله تعالى: {أَخْذَةٗ رَّابِيَةًۖ ٩}⁣[الحاقة ١٠]، أي: زائدة. وأما من جهة اللغة فيقول قائلهم: أربا فلان على فلان في كذا وكذا، إذا زاد عليه، ويقال: ربا الطعام وغيره، إذا زاد.


(١) ما بين المعقوفين من (ب).

(٢) في الأصل: ولذلك. وما أثبتناه من (ب).