فصل: وأما مسائل الشهادات [حكمها وأقسامها وما يلحق بذلك]
  ويدل أيضاً على قول القاسم قول النبي #: «ثلاثة لا يستجاب لهم رجل باع شيئاً ولم يشهد عليه ...» الخبر.
  وحجتنا: ما روي أن النبي ÷ اشترى بعيراً ولم يشهد، وروي أن النبي ÷ اشترى فرساً من أعرابي ومشى والفرس مع الأعرابي، فأنكر الأعرابي البيع؛ فقال النبي #: «قد اشتريته»، فقال الأعرابي: من يشهد؟ فقال النبي ÷: «من يشهد؟»، فشهد له خزيمة بن ثابت الأنصاري، فقال النبي #: «كيف شهدت؟» فقال: أصدقك(١) في أخبار الآخرة ولا أصدقك في أخبار الدنيا؛ فسمى خزيمة ذو الشهادتين.
  يزيد ما ذكرناه وضوحاً: أن هذا حق للبائع فله أن يهب الحق في نفسه، ويبري منه، فإذا كان له أن يفعل ذلك في نفس المال فبالأولى والأحرى أن يفعل في توابعه ما شاء من إشهاد وترك، فكانت الآية تدل على الإرشاد والندب، وكذلك الخبر والله أعلم.
  الثانية: أن الشهادة تنقسم أربعة أقسام:
  الأول: الشهادة على الزنا فلا بد من أربعة شهود ذكور، وهذا مما لا خلاف فيه.
  الثاني: الشهادة على سائر الحدود من السرقة والقذف وشرب الخمر وعلى ما يوجب القصاص [في(٢)] النفس وفيما دونها، فلا بد في هذا من شهادة رجلين دون النساء، وهذا مما لا أعلم فيه خلافاً ويدل عليه قول علي # لا تقبل شهادة النساء في الحدود والقصاص.
  الثالث: الشهادة على الأموال وسائر الحقوق من نكاح أو طلاق أو نسب، ولا بد في ذلك من شهادة رجلين أو رجل وامرأتين عندنا وهو قول أكثر علمائنا
(١) في الأصل: أصدقتك. وما أثبتناه من (ب).
(٢) ما بين المعقوفين من (ب).