المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

[أحكام تتعلق بالعبد في النكاح والطلاق وما يلحق بذلك]

صفحة 327 - الجزء 1

  وكذلك فلا تخص حراً دون العبد إلا بدلالة [وقد ذكرناه في أصول الفقه⁣(⁣١)].

  فإن قيل: إن آخر الآية يدل على أنه خطاب للأحرار دون المماليك لأنه قال في آخر الآية: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْۖ} والمملوك لا يطأ بملك اليمين فالجواب من وجهين:

  أحدهما: أن بعض المفسرين يذهب إلى أن قوله: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْۖ} المراد به النكاح من الإماء، فيكون النكاح إذا خافوا أن لا يعدلوا فواحدة⁣(⁣٢) حرة أو أمة وآخر الآية يقوي هذا القول، لأنه قال تعالى: {ذَٰلِكَ أَدْنَيٰ أَلَّا تَعُولُواْۖ ٣} معناه: أن لا تفتقروا أو لا تجوروا، وكل ما يقع من هذا القبيل مع الحرائر فمثله يقع مع كثرة الإماء اللواتي هن ملك اليمين ولا يفترقون إلا في وجه واحد وهو وجوب القسمة والتعديل بين الحرائر دون الإماء، فهذا وجه.

  الوجه الثاني: أن خصوص آخر الآية لا يمنع من عموم أولها، وقد ورد في النصوصات مثل ذلك، ولغة العرب تقضي به فلا مانع منه لا لغة ولا شرعاً فهذا دليل النكاح.

  وأما دليل الطلاق: فإن عمومات الأدلة لم تفرق بين الحر والعبد في ذلك نحو قوله: {اِ۬لطَّلَٰقُ مَرَّتَٰنِۖ}⁣[البقرة ٢٢٩] ولم يفصل.

  ويدل على ذلك: ما روي أن ابن عباس سئل عن عبد طلق تطليقتين ثم أعتق أيتزوجها؟ قال: نعم، قيل: عمن؟ قال: افتى بذلك رسول الله ÷، وهذا تصريح بأن التطليقتين لا تحرم الأمة.

  وأما دلالة العدة فقد قدمناها في الآية التاسعة والثلاثين من البقرة عند قوله: {۞وَالْمُطَلَّقَٰتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَٰثَةَ قُرُوٓءٖۖ}⁣[البقرة ٢٢٨].


(١) ما بين المعقوفين من (ب).

(٢) الذي في الأصل: واحدة. وما أثبتناه من (ب).