الآية الرابعة والعشرون: [في تفصيل صلاة الخوف]
  وطائفة وجاه العدو فصلى بالذين معه الركعة الأولى ثم ثبت قائماً وأتموا لأنفسهم، [ثم انصرفوا إلى(١)] وجاه العدو وجاءت طائفة أخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالساً وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم، وهذا عين مذهبنا وقد روي عن جماعة [و(٢)] لم تختلف روايتهم في المعنى.
  وأما ما روي عن ابن عمر أن النبي ÷ صلى صلاة الخوف على وفق مذهب أبي حنيفة ومن وافقه فإن قولنا أقوى لوجهين: أحدهما: أنه أقرب إلى لفظ الآية ومعناها، والثاني: أن أصول الشرع قد دلت على أن الفعل الكثير يفسد الصلاة إلا في حال الضرورة التي لا يمكن معها الصلاة على غير هذا الوجه، ولا إشكال أن صلاتنا أقرب إلى هذا الأصل المقرر من الشرع الشريف والذي يقوم وجاه العدو على قولنا غير مصل والمصلي مشتغل بصلاته فقط لا بالعدو وهذا بيّن واضح والله الهادي.
  فإن قيل: إن خروج الطائفة الأولى عن الإمام هو خلاف موضوع الشرع.
  قلنا: بل قولنا على موضوع الشرع فإن الضرورة تبيح للمؤتم إتمام صلاته وحده عند حدث الإمام ونحو ذلك، وكذلك ما روي من صلاة النبي ÷ بعسفان على مذهب أبي يوسف وابن أبي ليلى فإن صفة الصلاة تدفع في وجه مذهبهم دفعاً بيناً فليطالعه الناظر مفصلاً في الشروح ليعرف قوة مذهبنا وكونه أقرب إلى موضوع الشرع.
(١) ما بين المعقوفين من (ب).
(٢) ما بين المعقوفين من (ب).