الفصل الرابع: الأحكام: [حكم الطيبات وصيد الكلب]
  فمما روي عن علي # أنه: كان يطعم الناس من طيب الطعام فدخل بعض أصحابه وتأخر عن الأكل مع الناس ليأكل مع أمير المؤمنين ~ من طعامه، فلما فرغ الناس جاءوا لعلي # بطعام مختوم عليه، فأخرجه # وهو خبز شعير غير منخول وملح جريش.
  وأخبر ÷ أنه إنما ختمه لئلا يبدله أهله بأطيب منه، فقال له الرجل لما أبصر خشونة طعامه: إذاً تضعف يا أمير المؤمنين عن الجهاد أو ما هذا معناه؟ فقال #: إن النابتة بالعراء أشد عوداً وأقوى عموداً، والله ما قلعت باب خيبر بقوة(١) غذائية ولكنها نفس بنور باريها مضية، هذا معنى كلامه وأكثر لفظه.
  الثانية: أن الكلب المعلَّم إذا أرسله صاحبه المسلم وسمى وقتله الكلب قبل أن يلحقه صاحبه حل أكله، وهذا مما لا خلاف فيه والأصل فيه الآية، وقول النبي ÷: «إذا أرسلت كلبك المعلم وقد ذكرت اسم الله عليه فكل»، فقال له السائل: وإن قتل؟ قال: «وإن قتل».
  الثالثة: إذا كان المرسل ذمياً وسمى، حل أكله عندنا، وهو قول من يحل ذبائحهم من العلماء، وعند الأخوين: يحرم، وكذلك إذا أرسل المسلم والذمي كلبيهما جرى الكلام فيه على نحو من ما إذا أرسل الذمي كلبه على ما ذكرناه في أول المسألة.
  الرابعة: إذا اشترك في الصيد الكلب المعلَّم وغير المعلَّم لم يجز أكله ولا خلاف فيه.
  الخامسة: أن الكلب المعلم إذا أكل منه حل أكله عندنا، وهو قول أئمتنا
(١) في الأصل: لقوة. وما أثبتناه من (ب).