الآية الرابعة: [آية وجوب الوضوء ورخصة التيمم]
  السابعة: أن المضمضة والاستنشاق واجبان في الغسل كالوضوء عندنا وهو قول علماء العترة إلا الناصر ذكره في المغني، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وعطاء وابن أبي ليلى والثوري وإسحاق، وعند الناصر أنهما سنتان في الوضوء والاغتسال، وهو قول الشافعي وعند أبي حنيفة أنهما سنتان في الوضوء واجبتان في الاغتسال على ما قدمناه عنه.
  والدليل على ما قلناه: قوله تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباٗ فَاطَّهَّرُواْۖ} وظاهره يقتضي وجوب تطهيرهما لعموم الآية، فإن قيل هي مجملة فقد ورد البيان عن رسول الله ÷ فروت عائشة وميمونة: أنه ÷ كان إذا اغتسل تمضمض واستنشق، وروي عنه أيضاً ÷ أنه قال: «تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وانقوا البشر» والفم والأنف من بشر الإنسان لا محالة وفي الأنف شعر مع أكثر الناس.
  واحتج المخالف بقوله تعالى: {حَتَّيٰ تَغْتَسِلُواْۖ}[النساء: ٤٣]، فأمر بالغسل ولم يأمر بالمضمضة والاستنشاق وهذا باطل فإن عموم الآية يقضي بوجوب المضمضة والاستنشاق كسائر البدن، وتخصيصهم بالغسل لبعض البدن دون بعض تخصيص بغير دلالة.
  واحتجوا أيضاً بقول النبي ÷: «أما أنا فأحثي على رأسي ثلاث حثيات فإذا أنا قد طهرت» وظاهر الخبر لا يحصل به غرضهم؛ لأنا نعلم أن ثلاث حثيات على الرأس لا تطهر جميع النجاسات ولا تعم جميع مغابن البدن غالباً فيجمع بين الأخبار وتكون الحثيات بعد الاستنجاء والمضمضة والاستنشاق.
  الثامنة: أنه يجب عليه إن أراد الاغتسال أن يبول أو يتعرض للبول ولا يجب عليه انتظار آخر الوقت عندنا، وهو قول زيد بن علي والناصر بن الهادي والسيد أبي طالب.