المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الآية الرابعة: [آية وجوب الوضوء ورخصة التيمم]

صفحة 35 - الجزء 2

  يعلموا» ... إلى آخر الخبر، وهذا دليلنا على من لا⁣(⁣١) يجعل خشية التلف عذراً.

  وأما من يخشى الضرر دون التلف، فدليلنا على جواز التيمم له: ما ذكره الله [تعالى] في هذه الآية من قوله تعالى: {وَإِن كُنتُم مَّرْضَيٰ ...} إلى قوله: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداٗ طَيِّباٗ} فأجاز للمريض التيمم ولم يشترط التلف.

  وقوله ÷: «بعثت بالحنيفية السمحة»، وقوله ÷ في الخبر الأول: «قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذا لم يعلموا»، وغير ذلك من الأخبار التي تقضي⁣(⁣٢) بالتسهيل لهذه الأمة.

  الرابعة أن الماء إذا كان على مسافة ميل فما دونه وجب عليه الطهور منه، إذا كان لا يخشى فوات الوقت قبل وصوله ويدرك الصلاة ولا يكون دونه مانع من خوف وما جرى مجراه، فإن كان الماء أبعد من ذلك لم يجب عليه المصير إليه عندنا، وهو قول المنصور بالله.

  وأما سائر علماء أهل البيت $ فيجب عندهم السعي في طلب الماء والاجتهاد فيه، وهو قول الشافعي ولم يحدوا في ذلك حدا محدوداً كما ذكره المنصور بالله إلا أن أصولهم تقضي⁣(⁣٣) بأن الطلب والمسافة التي تكون بين المكلف وبين الماء إذا انتهت إلى الحرج والمشقة سقط حكمها وليس يبعد قولهم مما ذكرنا والله أعلم.

  وعند أبي حنيفة وأصحابه أن طلب الماء مستحب غير واجب، قال أبو يوسف: إن عرفه عند رفيقه فعليه طلبه.

  والدليل على وجوب الطلب: قوله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ} وعدم


(١) في (ب): من لم.

(٢) في الأصل: تقتضي. وما أثبتناه من (ب).

(٣) في الأصل: تقتضي. وما أثبتناه من (ب).