فصل: (والنكاح)
  الْمُحْرِم° خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ؛ فَهُوَ عِنْدَهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ، مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ؛ فَيَصُحُ عِنْدَهُ الْعَقْدُ مِنَ الْمُحْرم، وَعِنْدَ بَعْضِ أَصْحَابِهِ(١) أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِيهِمَا جَمِيعًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو مُضَرٍ(٢): هُوَ قَضَاءُ حَاجَتَيْنِ، وَابْتِغَاءُ لَذَّتَيْنِ بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ.
  وَالدَّلِيلُ عَلَى تَوْرِيثِ الزَّوْجَيْنِ بِالنِّكَاحِ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ:
  أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {۞وَلَكُمۡ نِصۡفُ مَا تَرَكَ أَزۡوَٰجُكُمۡ إِن لَّمۡ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٞۚ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٞ فَلَكُمُ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡنَۚ مِنۢ بَعۡدِ وَصِيَّةٖ يُوصِينَ بِهَآ أَوۡ دَيۡنٖۚ وَلَهُنَّ ٱلرُّبُعُ مِمَّا تَرَكۡتُمۡ إِن لَّمۡ يَكُن لَّكُمۡ وَلَدٞۚ فَإِن كَانَ لَكُمۡ وَلَدٞ فَلَهُنَّ ٱلثُّمُنُ مِمَّا تَرَكۡتُمۚ}[النساء: ١٢].
  وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُهُ ÷ فِي خُطْبَةِ الوَدَاعِ(٣): «أَلَا لَا تَوَارُثَ بَيْنَ أَهْلِ مِلَّتَيْنِ
وَالْمَالِكِيَّةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَٱنكِحُوهُنَّ بِإِذۡنِ أَهۡلِهِنَّ}[النساء: ٢٥]؛ وَالْوَطْء لَا يَتَوَقّفُ عَلَى الْإِذْنِ، وَقَوْلُهُ: ÷ «لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيُّ وَشَاهِدَيْنِ».
(١) أَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ؛ فَهُوَ لَفْظُ مُشْتَرَكٌ كَـ «عَيْنِ»، وَعَلَيْهِ حُمِلَ النَّهْيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَنكِحُواْ ٱلۡمُشۡرِكَٰتِ حَتَّىٰ يُؤۡمِنَّۚ}[البقرة: ٢٢١]؛ فَإِنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُّ عَنِ الْعَقْدِ، وَعَنِ الْوَطْءِ بِمِلْكِ الْيَمِينِ؛ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ.
(٢) لَا فَائِدَةَ لِقَوْلِ أَبِي مُضَرِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْء؛ لِقَوْلِهِ: قَضَاءُ حَاجَتَيْنِ، وَإِلَى كَوْنِهِ حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ؛ لِقَوْلِهِ: بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ؛ فَعَلَى هَذَا يُوَافِقُ صَاحِبَي أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبُو مُضَرٍ: هُوَ شُرَيْحُ بْنُ الْمُؤَيَّدِ الْمُرَادِيُّ الشَّرَيْحِيُّ. قَالَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ: مَفْخَرُ الزَّيْدِيَّةِ، وَحَافِظُ مَذْهَبِهِمْ، وَمُقَرَّرُ قَوَاعِدِهِمْ إِلَى أَنْ قَالَ: وَكُلُّ الْأَصْحَابِ مِنْ بَعْدِهِ عَالَةٌ عَلَيْهِ، وَمُقْتَبِسُونَ مِنْ فَوَائِدِهِ. أعلام المؤلفين الزيدية ص ٤٧٨، ولوامع الأنوار ٢/ ٣٥.
(٣) التجريد ٦/ ٦٢، وأصول الأحكام ٢/ ٣٣١ رقم ٢٣٠٠، وابن ماجة ٢/ ٩١٤ رقم ٢٧٣٦، والبيهقي ٦/ ٢٢١، و ٣٥١، والدارقطني ٤/ ٧٢. وَدَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ الْمَيِّتَ يَمْلِكُ الدِّيَةَ عِنْدَ خُرُوج آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ، بَلْ يَمْلِكُهَا مِنْ وَقْتِ™ الْجِنَايَةِ؛ وَدَلِيلُهُ صِحَةُ الْإِبْرَاءِ مِنْهُ لِلْجَانِي فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ صِحَّةَ الْإِبْرَاءِ فَرْعٌ عَنِ الْمِلْكِ، و (é).