جوهرة الفرائض شرح مفتاح الفرائض،

محمد بن أحمد الناظري (المتوفى: 1000 هـ)

[أهل الثمن]

صفحة 188 - الجزء 1

  وَصِلَةٌ فِي الْكَلَامِ نَحْو قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَٱضۡرِبُواْ فَوۡقَ ٱلۡأَعۡنَاقِ}⁣[الأَنْفال: ١٢]؛ وَمَعْنَاهُ الْأَعْنَاقُ؛ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {فَوۡقَ ٱثۡنَتَيۡنِ} أَيْ نِسَاءَ اثْنَتَيْنِ.

  وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسِ إِلَى أَنَّ الثَّلُثَيْنِ لِلثَّلَاثِ فَصَاعِدًا⁣(⁣١)؛ وَاسْتَدَلْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَوۡقَ ٱثۡنَتَيۡنِ} وَجَعَلَ لِلاثْنَتَيْنِ النَّصْفَ.

  وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الله تَعَالَى فَرَضَ لِلْأُخْتَيْنِ الثَّلثَيْنِ، وَالِابْنَتَانِ أَقْوَى حَالًا مِنَ الْأُخْتَيْنِ بِالنَّسَبِ⁣(⁣٢)؛ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَنْقُصَا عَنْ رُتْبَةِ الْأُخْتَيْنِ قِيَاسًا⁣(⁣٣).


= تَعَالَى بَيَّنَ فَرْضَ مَا فَوْقَ الاثْنَتَيْنِ بِأَنَّهُ الثَّلُثَانِ لَا زِيَادَةَ، وَلَوْ قَالَ: فَإِنْ كُنَّ اثْنَتَيْنِ لَتَرَدَّدَ الذِّهْنُ فِي فَرْضِ الثَّلَاثِ فَصَاعِدًا، وَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ يُعْرَفُ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ تُوهِمُ زِيَادَةَ الْفَرْضِ كَمَا بَيْنَ الوَاحِدَةِ وَالاثْنَتَيْنِ. وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ: إِنَّ فَوْقَ صِلَةٌ زَائِدَةٌ؛ لِاسْتِقَامَةِ النَّظْمِ فَغَيْرُ صَحِيح؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَى الْحُكْمِ بِزِيَادَةِ الْكَلِمَةِ إِلَّا إِذَا تَعَذَّرَ حَمْلُهَا عَلَى مَعْنَاهَا الْأَصْلِيُّ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ لَابُدَّ مِنْ نُكْتَةٍ فِي هَذِهِ الصَّلَاتِ وَالزَّوَائِدِ: مِنْ زِيَادَةِ تَأْكِيدٍ، أَوْ إِشَارَةِ إِلَى نُكْتَةٍ لَطِيفَةٍ كَمَا أَوْضَحْنَا فِي شَرْحِ فِي خُطْبَةِ الْأَثْمَارِ. وَقَدْ فُهِمَ حُكْمُ الْإِثْنتَيْنِ مِنْ قَوْلِهِ {وَإِن كَانَتۡ وَٰحِدَةٗ فَلَهَا ٱلنِّصۡفُۚ}؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنُ إلَّا حُكْمَ مَا لَمْ يَكُنْ قَدْ فُهِمَ وَهُوَ حُكْمُ الْوَاحِدَةِ، وَأَمَّا حُكْمُ الاثْنَتيْنِ فَمَا فَوْقَهُمَا فَقَدْ فُهم مِنْ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ؛ وَقَالَ مَا مَعْنَاهُ: وَأَمَّا النَّظْمُ فَكَانَ مُسْتَقِيْمًا مِنْ دُونِ لَفْظَةِ: «فَوْقَ» كَمَا تَرَى، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي «فَوْقَ الْأَعْنَاقِ» كَمَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو الْبَقَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَعَالِي الْأَعْنَاقِ الَّتِي هِيَ الْمَذَابِحُ؛ لِأَنَّهَا مَفَاصِلُ. وَقِيلَ: أَرَادَ الرُّؤُوسَ. ذَكَرَهُ فِي الْكَشَافِ؛ فَلَا حُجَّةَ لِأَبِي الْبَقَاءِ وَغَيْرِهِ. مصباح، وَاللهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَأَحْكَمُ. النور الفائض ١٤.

(١) المحلى ٨/ ٢٦٧، والمغني ٧/ ٨، والحاوي ٥/ ٢٦٦.

(٢) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَيَيۡنِۚ} فَإِذَا اجْتَمَعَ ابْنُ وَبِنْتُ فَلِلِابْنِ الثُّلُثَانِ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لِلابْنَتَيْنِ إِذَا انْفَرَدْنَ خالدي ٨١.

(٣) يُقَالُ: لَوْ سُلَّمَ أَنَّ الآيَةَ نَصِّ فِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الابْنَتَانِ إِلَّا النَّصْفَ - لَمْ يَكُنْ لِلْقِيَاسِ فَائِدَةٌ؛ إِذْ مِنْ شَرْطِ الْقِيَاسِ أَنْ لَا يُصَادِمَهُ نَيٍّ، بَلْ هُوَ اسْتِظْهَارُ؟ قُلْتُ: لَمْ يَكُنِ =