الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

ترجمة المؤلف:

صفحة 15 - الجزء 1

  سبيل ذلك مشاق الأسفار ومفارقة الأهل والسكن دون أن يكون له غرض شخصي أو طمع في جاه أو مال، ولم يكترث لما ناله من سهام الجهال والمتعصبين.

  وكانت له المكانة الرفيعة والكلمة المسموعة لدى الأئمة والرؤساء والقادة، ولم يأل جهدًا في موالاة النصح والإرشاد لهم صادعًا بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، وكان الإمام المتوكل على الله القاسم بن الحسين⁣(⁣١) معظمًا له غاية التعظيم، معولاً عليه في عظائم الأمور، ومن ذلك أنها لما اشتعلت نار الفتنة التي عمت البلاد بسبب دعوة المولى محمد بن إسحاق⁣(⁣٢) بالخلافة لنفسه خرج البدر إلى هجرة شاطب⁣(⁣٣) للصلح بينه وبين الإمام المتوكل فتم له ذلك، ودخل المولى محمد بن إسحاق في طاعة المتوكل حسب الشروط التي تم عليها الصلح، وخمدت بذلك الفتنة، وحقنت الدماء. وقد اعترض بعض المتفقهة ذوي الأغراض على السعي في الإصلاح جهلًا منهم أو تجاهلاً لما حصل بسبب الخلاف من البوائق، فألف المولى البدر رسالة أبان بها وجه الصواب، وأقام على ذلك الأدلة من السنة والكتاب وسماها «تنبيه ذوي الفطنة، على حسن السعي لإطفاء نار الفتنة». وقد عرض عليه المتوكل عند عودته من شاطب بعد تمام الصلح أن يوليه الوزارة والأوقاف والقضاء فاعتذر عن كل ذلك. ولما وقع الخلاف بين المتوكل وولده «المنصور حسين» وحوصرت صنعاء أرسله المتوكل للإصلاح بينه وبين ولده فخرج ثلاث مرات إلى همدان وحده وتم الصلح بينهما على يده. وبعد وفاة المتوكل رحل البدر إلى مكة للحج، ثم عاد والأحوال مضطربة في جهات صنعاء فعدل إلى شهارة وأقام بها سبع سنوات يُدَرِّسُ العلوم، وقد استفاد عليه كثير من علمائها ومن أجَلّهم القاضي العلامة ناصر بن الحسين المحبشي⁣(⁣٤)، وأخوه القاضي


(١) شجاع، له مشاركة سياسية، ت: ١١٣٩ هـ). ينظر: البدر الطالع ٤/ ٤٢ وتاريخ اليمن للواسعي ٢٢٨.

(٢) محمد بن إسحاق بن أحمد بن الحسن بن القاسم بن محمد، ولد سنة ١٠٩٠ هـ، إمام، مجتهد، له مشاركة سياسية، توفي ١١٦٧ هـ، وله مؤلفات. ينظر: أعلام المؤلفين الزيدية ٨٦٠، ونشر العرف ٣/ ٩، والبدر الطالع ٢/ ١٢٧.

(٣) شاطب: بلدة من أعمال ذيبين لقبائل سفيان. ينظر: مجموع بلدان اليمن وقبائلها ٣/ ٤٣٩.

(٤) ولد سنة ١١١٠ هـ، فقيه، حافظ، علامة، تولى القضاء للمهدي عباس توفي ١١٩١ هـ. ينظر: ملحق =