وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:
  وخَلَّفَ عَلِيًّا فَنَفِسَتْ بذلك قريش عليه وقالوا: إن رسول الله ÷ استثقله وكره صحبته فبلغ ذلك عليَّا، فجاء حتى أخذ يقود بِغَرْزِ الناقة، وقال: يا رسول الله لأَتْبَعَنَّكَ أو قال: إِني لَتَابِعُكَ؛ زَعَمَتْ قريش أنك إنما خلفتني استثقلتني وَكَرِهْتَ صحبتي، وبكى علي #؛ فنادى رسول الله ÷ في الناس؛ فاجتمعوا عليه، وقال: «أَيُّهَا الناسُ ما منكم من أَحَدٍ إلا وله حَامَّةٌ، أَمَا تَرْضَى أَنكَ مِنِّي بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نَبِيَّ بعدي»؟ فقال علي #: رضيتُ عن الله وعن رسوله(١).
  وفي الجامع الكبير للحافظ السيوطي | خلال عن إبراهيم بن سعيد الجوهري(٢) قال: حدثني أمير المؤمنين المأمون، وحدثني أمير المؤمنين الرشيد حدثني أمير المؤمنين المهدي قال: دخل عَلَيَّ سفيان الثوري، فقلت: حدثني بأحسن فضيلة عندك لأمير المؤمنين علي #؟ فقال: حدثني سلمة بن كهيل(٣) عن حجية(٤) عن علي بن أبي طالب قال: قال النبي ÷: «أنتَ مِنّي بمنزلة هارون من موسى» أخرجه ابن النجار(٥).
  قلت: فهذا نزر يسير من مسندات هذا الحديث الشريف، وإليه أشار الإمام المنصور بالله # في قوله:
  وَمَنْ غَدَا هارونَ بِالنَّصِّ مَا اسْتَثْنَى ... سِوَى أَنَّ لَيْسَ بَعْدِي نبي(٦)
  قلت: وفي الأحاديث ألفاظ تفتقر إلى البيان، قوله: «نَفِسَتْ» بكسر الفاء، يقال: نَفستُ عليه الشيء نَفَاسَةً إذا لم يره أهلًا. وقوله: غَرْزِ الناقة: الغَرْزُ بالغين
(١) الجامع الكبير ١٦/ ٥٠٣ رقم ٨٨٩٠ عن ابن جرير عن الحارث بن مالك، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٦.
(٢) محدث مكثر، صنف المسند، ت: ٢٤٩ هـ، وقيل: ٢٥٠ هـ، روى له الجماعة سوى مسلم. تهذيب الكمال ٢/ ٩٥.
(٣) ابن حصين الحضرمي، أبو يحيى، تابعي، وثقه ابن معين وغيره كثير الحديث، كان فيه تشيع، توفي سنة ١٢١ هـ، وقيل: سنة ١٢٢ هـ. روى له الجماعة. تهذيب الكمال ١١/ ٣١٣، وطبقات ابن سعد ٦/ ٣١٦.
(٤) حجية بن عدي الكندي الكوفي، تابعي، روى عن علي، وجابر، روى له الأربعة، طبقات ابن سعد ٦/ ٢٥٥، وتهذيب الكمال ٥/ ٤٨٥.
(٥) الجامع الكبير ١٦/ ٢١٦ برقم ٧٨٨٧، و ٢/ ١٩٥ برقم ٤٧٩٩ عن سعد بن أبي وقاص وجابر، قال: أخرجه ابن النجار.
(٦) محاسن الأزهار ١٠٤.