وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:
  المعجمة وبالراء المهملة والزاي رِكَابُ كُورِ الْجَمَلِ إِذا كان من جِلْدِ أو خشب، وقيل: هو الكُورُ مُطْلَقًا مثل الركاب للسِّرْج، وقوله: «حَامَّةٌ» بالحاء المهملة: أي خاصة. وقوله: أزري: يقال: «أَزَرَهُ»، وآزَرَهُ: أي أعانه وأسعده من الأَزْرِ وهو القوة والشدة «الجُرْفُ»: بالجيم والراء المهملة والفاء موضع قريب من المدينة(١)، وفيه: كان يستعرض أبو بكر الناس وقوله ÷: «أَنْتَ مِنِّي بمنزلة هارون من موسى» قال بعضهم: إن «مِنْ» فيه لبيان الجنس: أي أنت من جنسي في التبليغ والأداء ووجوب الطاعة ونحو ذلك، قلت: ويصح أن تكون تَبعِيضِيَّةً مثل ما في قوله تعالى حكاية عن خليله {فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُۥ مِنِّيۖ}[إبراهيم: ٣٦] أي فإنه بَعْضُ مني لِفَرْطِ اخْتِصَاصِهِ بي، واتَّصَالِهِ، وتَبَعِيَّتِهِ لي، وتَقَيَّدِهِ لأمري؛ ويكون قوله: «بمنزلة هارون من موسى» بَيَانًا لهذه البعضية والخصوصية؛ والبَاءُ: للمقابلة أي أنت بَعْضُ مني تُقَابِلُ مَنْزِلَتَكَ مَنْزِلَةَ هارون من موسى؛ فكما أَنَّ هارونَ بَعْضُ من موسى فأنت تقابل منزلتة وتساويها. وَيَحْتَمِلُ تخريجاتٍ(٢) أُخَرَ هذا أقربها، ولا يخفى أن هذه منزلة شريفة، ورتبة عالية منيفَةٌ؛ فإنه كان هارون عَضُدَ موسى الذي شَدَّ به اللهُ أَزْرَهُ، وخليفته على قومه حين ذهب لمناجاة ربه؛ وبالجملة لم يكن أَحَدٌ من موسى # بِمَنْزِلَةِ هارونَ #، وهو الذي سَأَلَ اللهَ أَنْ يَشُدَّ به أَزْرَهُ، ويُشْرِكَهُ في أمره: كما سأل ذلك رَسُولُ اللهِ ÷ كما في حديث أسماء بنت عميس [المتقدم]، وأجاب الله نبيه موسى # بقوله: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ}[القصص: ٣٥] الآية: كما أجَابَ نَبِيَّنَا ÷ لا بإرساله جبريل # بإجابته كما في
(١) على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام، معجم البلدان ٢/ ١٢٨.
(٢) المقصود بهذا الخبر كما قال أهل البيت سلام الله عليهم: أن هارون كان يخلف موسى @ في أمته عندما كان موسى يغيب عنها، كما قال تعالى: {ٱخۡلُفۡنِي فِي قَوۡمِي} وأن هارون لو بقي بعد موسى لكان خليفة لموسى في قومه إلا أنه مات قبل موسى؛ إذن فحديث المنزلة هذا يقضي بأن الإمام عَليًّا # هو خليفة رسول الله ÷ بعده، وإلا لم يكن لكلام النبي ÷ وتشبيه الإمام علي # بهارون فائدة إذا لم يحمل على الوصاية والخلافة كما في قوله تعالى: {ٱخۡلُفۡنِي فِي قَوۡمِي} لأن ÷ يستثن من المشابهة إلا النبوة كما تقدم. ينظر لوامع الأنوار ٢/ ٦٢٥.