الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

وإذا قد ذكرنا اسمه # فنذكر صفته #:

صفحة 161 - الجزء 1

  أعلام النبوة وقد صدق ما قاله ÷، فقد غَلَا فِي حُبِّهِ قَوْمُ فاتخذوه إِلَها وأحرقهم #، كما قال المحب الطبري |: عن عبدالله بن شريك⁣(⁣١) عن أبيه قال: أُتِيَ عَلِيُّ بْنُ أبي طالب # فقيل له: إِنَّ ها هنا قَوْمًا على باب المسجد يزعمون أنك رَبُّهُمْ؛ فدعاهم فقال: وَيْلَكُمْ مَا تَقُولُونَ؟، قالوا: أَنْتَ رَبُّنَا وَخَالِقُنَا وَرَازِقُنَا! قال: ويلكم إنما أنا عَبْدٌ مِثْلُكُمْ: آكُلُ الطَّعَامَ كَمَا تَأْكُلُونَ، وَأَشْرَبُ كَمَا تَشْرَبُونَ، إِنْ أَطَعْتُهُ أَثَابَنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنْ عَصَيْتُهُ خَشِيتُ أَنْ يُعَذِّبَنِي؛ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَارْجِعُوا، فَأَبَوْا فَطَرَدَهُمْ، فلما كان من الغَدِ غَدَوْا عليه، فَجَاءَ قَنبر فقال: والله رجعوا يقولون ذلك الكلام، قال: أَدْخِلْهُمْ عَلَيَّ، فقالوا له مثل ما قالوا، وقال لهم: مثل ما قال، وقال لهم: إِنَّكُمْ ضَالُّونَ مَفْتُونُونَ فَأَبَوا؛ فلما كان اليوم الثالث أتوه، فقالوا له مثل ذلك القول، فقال: والله لئن قُلْتُمْ ذلك لَأَقْتُلَنَّكُمْ أَخْبَثَ قِتْلَةٍ، فَأَبَوْا إلا أَنْ يُقِيمُوا على قولهم؛ فَخَدَّ لَهُمْ أُخْدُودًا بَيْنَ بَابِ المسجد والقصر، وَأَوْقَدَ فيه نارًا وقال: إني طَارِحُكُمْ فِيهَا أَوْ تَرْجِعُونَ! فَأَبَوْا فَقَذَفَهُمْ فِيهَا! أخرجه المخلص الذهبي |. وَتَرْدِيدُهُمْ مَحْمُولٌ عَلَى الإِسْتِتَابَةِ، انتهى كلام المحب⁣(⁣٢).

  وقال أبو العباس الثقفي⁣(⁣٣) وقد كان يعني عَليًّا # - عَثرَ على قوم خرجوا من مَحَبَّتِهِ؛ فاستحوذ عليهم الشيطان إلى أن كفروا بربهم، وجحدوا ما جاء به نبيهم، واتخذوه إلها وربا وقالوا: أنت خالقنا ورازقنا، فاستتابهم، واستأنى بهم، وتوعدهم، فأقاموا على قولهم؛ فَحَفَرَ لهم حُفَرًا، ودَخَنَ عليهم؛ طَمَعًا في رجوعهم فَأَبَوْا؛ فَحَرَّقَهُمْ في النار، وقال:


(١) العامري الكوفي، تابعي، وثقه يحيى بن معين، وأبو زرعة، وغيرهما، وضعفه آخرون لتشيعه؛ لأنه كان ممن وصل من الكوفة إلى ابن الحنفية وابن عباس مع أبي عبد الله الجدلي؛ ليخلصها من ابن الزبير؛ لما أراد تحريق بيوتهما؛ لامتناعهما عن بيعته، فأخرجوهما إلى الطائف، روى له النسائي في الخصائص. ينظر: تهذيب الكمال ١٥/ ٨٧، والفلك الدوار ص ١٢٨.

(٢) الذخائر ٩٢ عن المخلص الذهبي في الفوائد المنتقاة عن الشيوخ العوالي للمخلص ١٥١ رقم ١٥٢.

(٣) في الأصل: أبو العباس المبرد؛ والصواب ما أثبتناه من شرح النهج ٢/ ٩٩.