الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

(ذكر أن جمعا من الصحابة لما سئلوا أحالوا في السؤال عليه)

صفحة 229 - الجزء 1

  نص أَنَّ الْمُزَكِّيَ أَعْلَمُ منه؛ على أن هذه القاعدة إنما هي فيمن جُهِدَ حَالُهُ، لا في الحفاظ المشاهير، والأئمةِ النَّحَارِيرِ، وقد صرح بهذا ابن الشبكي في طبقاته [٢/ ٩]، فقال: إذا سمعت بأنَّ الجرحَ مُقَدَّمُ على التعديل، وكُنْتَ غِرًّا بالأمور قَدْمًا⁣(⁣١) مُقْتَصِرًا على كتب الأصول حَسِبْتَ أَنَّ العمل على الجرح؛ فإيَّاكَ ثم إياك، والحذر من هذا الحُسْبَانِ، بل الصواب عندنا أن من ثبتت عدالته وإمامته، وكثر مادحوه، وندر جارحه، وكان هنالك قرينة دالة على تعصب مذهبي - فإنا لا نلتفت إلى جرحه؛ بل نعمل بعدالته إلى آخر كلامه⁣(⁣٢). ويحيى المذكور أعني ابن عبد الحميد الذي الكلام فيه من الأئمة: قال فيه ابن عدي: هو أول من صنف المسند بالكوفة، وقال ابن معين: كان - يعني يحيى الحماني - يسرد مسنده أربعة آلاف حديث سردًا، وحديث شريك ثلاثة آلاف، انتهى؛ فيقوى للناظر عدم صحة جرحه.

  وعن سعيد بن جبير قال: أتي عمر بن الخطاب بامرأة قد ولدت ولدًا له خلقتان: بدنان، وبطنان، وأربعة أيد، ورأسان وفرجان - هذا في النصف الأعلى - فأما في الأسفل: فله فخذان، وساقان ورجلان مثل سائر الناس، فطلبت المرأة ميراثها من زوجها؛ وهو أبو ذلك الخلق العجيب، فدعا عمر بأصحاب رسول الله ÷ فشاورهم، فلم يجيبوا فيه بشيء، ودعا علي بن أبي طالب #، فقال علي #: إِنَّ هذا أمر يكون له نبأ؛ فاحبسْها واحبس ولدها، واقْبِضْ مَالَهُمْ، وأقِمْ لهم مَنْ يخدمهم، وأنفق عليهم بالمعروف؛ ففعل ذلك عمر، ثم ماتت المرأة وشب الخلق، وطلب الميراث فَحَكَمَ لَهِ عَلِيٌّ بِأَنْ يُقَامَ لَه حَادِمُ خَصِيٌّ يخدم فرجيه، ويتولى منه ما يتولى الأمهات ما لا يحل لأحد سوى الخادم، ثمّ إنَّ أَحَدَ البدنين طلب النكاح؛ فبعث عمر إلى علي! فقال له: يا أبا الحسن ما تجد في أمر هذين؟ إن اشتهى أحدهما شهوة خالفه الآخر، وإن طلب الآخر حاجة طلب


(١) القدم من الناس العبي عن الحجة والكلام مع ثقل ورخاوة وقلة فهم. لسان العرب ١٢/ ٤٥٠.

(٢) طبقات الشافعية ٢/ ٩.