الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

ذكر كرامات من كراماته #:

صفحة 306 - الجزء 1

  عازب، قال: قال رسول الله ÷: «علي مِنِّي بِمَنْزِلَةِ رَأْسِي مِنْ جَسَدِيْ»⁣(⁣١).

  والبيت إشارة إلى قصة وفد نجران معه ÷، وهي ما أخرجه الثعلبي⁣(⁣٢)، عن مقاتل، والكلبي: أن النبي ÷ لما دعا وفد نجران إلى المباهلة فقالوا له: حتى نرجع وننظر في أمرنا ونَأْتِيَكَ غَدًا، فَخَلَا بعضُهم ببعض فقالوا للعاقب - وكان ذا رأيهم: يا عبد المسيح ما ترى؟ قال: والله لقد علمتم يا معشر النصارى أَنَّ مُحَمَّدًا نَبِيُّ مُرْسَلٌ، ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم [عيسى]، والله ما لَا عَنَ قَومٌ قَط نَبِيْئَا فعاش كبيرهم، ولا نَبَتَ صغيرهم! ولَئِنْ فعلتم ذلك لَتَهْلِكُنَّ، وإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا إِلْفَ دِينِكُمْ، والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فَوَادِعُوا الرَّجُلَ، وانْصَرِفُوا إلى بلادكم! فَأَتَوْا رسول الله ÷ وقد غدا رسول الله ÷ مُحْتَضِنًا الحسن، وآخِذَا بِيَدِ الحسين، وفاطمةُ تَمْشِي خَلْفَهُ، وَعَلِيُّ خَلْفَها، وهو ÷ يقول لهم: إذا أنا دَعَوْتُ فَأَمِّنُوا، فقال أَسْقُفُ نجران: يا معشر النصارى إنِّي لَأَرَى وُجُوهَا لَوْ سَأَلُوا الله أَنْ يُزيل جَبَلًا مِنْ مَكَانِهِ لَأَزَالَهُ! فَلَا تَبْتَهلُوا فَتَهْلِكُوا، ولا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرضِ نَصْرَانِي إلى يوم القِيَامَةِ؛ فقالوا: يا أبا القاسم، قَدْ رَأَيْنَا أَنْ لَا نُلَاعِنَكَ، وأَنْ نَتْرُكَكَ على دينك وتثبت على دِينِنَا! فقال رسول الله ÷: فَإِنْ أَبَيْتُمُ الْمُبَاهَلَةَ فَأَسْلِمُوا يَكُنْ لكم ما للمسلمين، وعليكم ما عليهم، فَأَبَوا؛ فقال: إِنِّي أُنَابِذُكُمْ، فقالوا: مالنا بحرب العرب طَاقَةٌ، ولكنا نُصَالِحُكَ على أن لا تَغْرُونَا، ولا تُخِيفَنَا، ولا تَرُدُّنَا عن ديننا، على أَنْ نُؤَدِّيَ إليك كُلَّ عَامٍ أَلْفَ حُلَّةٍ في صفر، وأَلفَ حُلَّةٍ في رجب، فصالحهم النبي ÷ على ذلك، وقال: والذي نفسي بيده إنَّ العذاب قد تَدَلَّى على أهل نجران! وَلَوْ لَاعَنُوا لَمُسِحُوا قِرَدَةً وخَنازير، ولاضْطَرَمَ عليهم الوادي نارًا،


(١) تاريخ دمشق ٤٢/ ٣٤٤، ومناقب ابن المغازلي ص ١٢٣ رقم ١٣٥، ١٣٦، والفردوس بمأثور الخطاب للديلمي ٣/ ٦٢ رقم ٤١٧٤ وتاريخ بغداد ٧/ ١٢، والذخائر ص ٦٣.

(٢) تفسير الثعلبي ٨٥٣، وتفسير البغوي ١/ ٤٦٧.