مقدمة المؤلف
  وانجذبت النفس إلى محبته والثناء عليه؟ وانظر أهل المذاهب تجد كُلًّا منهم قد ملأ صَدْرَهُ عَظَمَةُ إمامه، حتى يجادل وينافح عنه، وَيُخَاصِمَ دونه، ويفتخر به وبالاعتزاء إليه من غير إحسان سابق سوى ما وقر في قلبه: من عِلْمِه، وإمامته، وتقدمه؛ فكيف لا تميل الطباع إلى من جمع من الفضائل أمهاتها، واشتمل من شريف الصفات على معظمها، وسارت تحت كل نجم بصفاته الركبان، وهبت هبوب الرياح في القفار والعمران، من الشجاعة، والزهادة، والعلم، والكرم، [والعبادة، والعدل، و الفصاحة](١) وسائر صفات الكمال مما يَقُصُّ عليك بَعْضَهُ ما يأتي في هذه الأوراق بما يزيدك يقينا؛ فقد تحلى # من صفات الكمال بكل صفة يبلغ المتصف بها غاية الفخر، وتبقى جديدةً لا يُخْلِقُهَا مرورُ الدهر، لذلك قيل:
  يَدِلُّ بِمَعْنى وَاحِدٍ كُلُّ فَاخِرِ ... وَقَدْ جَمَعَ الرَّحْمَنُ فِيهِ المَعَانِيَا
  وأما الثانية: وهي المحبة الشرعية له # فستأتي أدلتها في شرح قوله:
  وَنِفَاقُ بُغْضُهُ صَحَ كَمَا ... حُبُّهُ عِنْوَانُ مَنْ كَانَ تَقِيَّا
  وغير ذلك إن شاء الله تعالى. وقوله: عَلِيًّا هو اسمه الشريف في الجاهلية والإسلام، مُشتق من العلو، مفيد للمدح؛ لذلك قال المُتَنَبِّي(٢) فِي مَنِ اسْمُهُ ذلك:
  مُبَارَكُ الاسْمِ أَغَرَّ اللقَب(٣)
  وقد روى الفقيه العلامة جمال الدين حميد الشهيد ¦ في محاسن الأزهار حديث الأشباح(٤) المعروف وفيه: «أنا العالي وهذا علي». وفيه من
(١) في (ب) و (ج) محذوف ما بين القوسين.
(٢) أبو الطيب أحمد بن عبدالصمد الجعفي الكندي، ولد سنة ٣٠٣ هـ، وهو أشهر من نار على علم، ت: ٣٥٤ هـ. أعيان الشيعة ٢/ ٥١٣.
(٣) وعجزه: كريم الجرِشَّي شريفُ النَّسَبْ. ينظر شرح ديوان المتنبي ١/ ٢٢٦.
(٤) محاسن الأزهار ص ١٤٩ بإسناده إلى الحاكم الجشمي في تنبيه الغافلين ص ٣٧، الحدائق الوردية ١/ ١٤، عن ابن عباس عن النبي ÷ قال: لما أمر الله تعالى آدم بالخروج من الجنة رفع طرفه نحو السماء فرأى خمسة أشباح على يمين العرش فقال: إلهي أخَلَقْتَ خلقًا من قبلي؟ فأوحى الله إليه أما تنظر إلى هذه الأشباح؟ قال: بلى، قال: هؤلاء صفوتي من نوري اشتققت أسماءهم من اسمي، فأنا الله =