[ذكر ورعه #]
  يقول لك: قَرَارِيطُكَ عَلَيَّ؛ فَأَرْسِل بالدينار، فأرْسَلَ به فأعطاه الأعرابية(١).
  وأخرج العسكري(٢) عن أبي جعفر قال: أكل عَلى تَمْرًا دَقَلًا [أردأ التم]، ثُمَّ شرب عليه ماء، ثم ضرب على بطنه وقال: من أدخله بطنه النار فأبعده الله، ثم تمثل:
  فَإِنَّكَ مَهْمَا تُعْطِ بَطْنَكَ سُؤْلَهُ ... وفَرْجَكَ نَالَا مُنْتَهَى الذَّمِّ أَجْمَعَا(٣)
  ومِنَ الإِعْرَاضِ عَنِ الدُّنْيَا: بَذْلُهَا، والسَّمَاحَةُ ببيت المال، والجودُ بِهَا، وقد مر من قصة الخاتم، والمسكين، والأسير، واليتيم، والسماحة ببيت المال، والجود به ما يكفي، وإعطائه # لِمَا جَمَعَهُ وخيارُهُ فيه، فَأَيُّ جُودٍ أَعْظَمُ مِنْ هَذَا؟ ثُمَّ أَيُّ جُودٍ أَعظمُ من بَذْلِهِ لنفسِهِ الشريفة في مُلَاقَاةِ الأقران، وإلقائه لها في معارك الضِّرَابِ والطَّعَانِ كما أسلفناه.
  وأخرج الفضائلي عن أبي إسحاق السَّبِيْعِي(٤) قال: سَأَلْتُ أكثر من أربعين رجلًا من أصحاب رسول الله ÷ مَنْ أَكْرَمُ الناس على عهد رسول الله ÷؟ قالوا: الزبير وعلي بن أبي طالب [الذخائر ١٠٤].
  وأخرج الدارقطني من حديث علي # قال: كان رسول الله ÷ إِذَا أَتَى جنازةً لم يَسْأَل عن شيءٍ مِنْ عَمَل الرجل، ويَسْأَلُ عَنْ دَيْنِهِ! فَإِنْ قيل: عليه دَيْنٌ كَفَّ عن الصلاة عليه، وإن قيل: ليس عليه دين صلى عليه، فأتي بجنازة فلما قام ليكبر سأل أصحابه: هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ دَيْنُ؟ قالوا: ديناران، فعدل ÷ وقال: صَلُّوا على صاحبكم! فقال علي # هُمَا عَلَيَّ، وَالْمَيِّتُ بَرِيءٌ مِنْهُمَا؛ فَتَقَدَّمَ رسول الله ÷ فَصَلَّى عليه، ثم قال لعلي: جَزَاكَ اللهُ خَيرًا! فَكَ اللَّهُ رِهَانَكَ كما
(١) جامع الأحاديث ١٦/ ٣٩٤ رقم، ٨٤٦٤، وإتحاف المهرة ٧/ ١٦٠، والظاهر على الرواية أنها من قصص الوعاظ.
(٢) أبو موسى المديني محمد بن أبي بكر بن عمر بن أبي عيسى بن أ أحمد الأصبهاني، ولد سنة ٥٠١ هـ، محدث، حافظ، راوية، توفي سنة ٥٨١ هـ تذكرة الحفاظ ٤/ ١٣٣٤.
(٣) البيت لحاتم الطائي. ينظر: المعجم المفصل ٤/ ٢٣٢، وينظر تاريخ دمشق ٤٢/ ٥٢٣.
(٤) عمرو بن عبدالله الهمداني (الكوفي) محدث مكثر، عالم عامل عابد، وكان من جلة التابعين، وثقات محدثي الزيدية، ت: ١٢٧ هـ، خرّج له الجماعة، وأئمتنا الخمسة والناصر والسيلقي. رأب الصدع ٣/ ١٦٨٩، وسير أعلام النبلاء ٤/ ٤٥٥، والفلك الدوار ١٥٩، والطبقات ٦/ ٣١٣، وتهذيب الكمال ٣٣/ ٣٠.