[ذكر ورعه #]
  فَكَكْتَ رِهَانَ أخيك؛ إِنَّهُ ليس مِنْ مَيْتٍ إلا وهو مُرْتَهَنَّ بِدَيْنِهِ، فَمَنْ فَكَ رِهَانَ مَيِّتِ فَكَ اللهُ رِهَانَهُ يوم القيامة! فقال بَعْضُهُمْ هذا لِعَلي خَاصَّةً أم للمسلمين عامة؟ قال: بل للمسلمين عَامَّةً [سنن الدارقطني ٣/ ٤٦].
  وأخرج ابن عساكر، والمدني في كتاب «اسْتِدْعَاءِ اللُّبَاسِ مِنْ كِبَارِ النَّاسِ»، عن الأصبغ بن نباتة(١) قال: جاء رجل إلى علي # فقال: يا أمير المؤمنين إنَّ لي إليك حاجةً قد رَفَعْتُهَا إلى الله قَبْلَ أَنْ أَرْفَعَهَا إليك! فَإِنْ أَنْتَ قَضَيْتَهَا حَمدْتُ اللَّهَ وشَكَرْتُكَ، وإن أنت لم تَقْضِها حمدت الله وعَذَرْتُكَ! فقال علي: اكْتُبْ عَلَى الأرضِ؛ فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَرَى ذُلَّ السُّؤَالِ في وجهك، فَكَتَبَ إِنِّي مُحْتَاجُ إلى حُلَّةٍ، فقال علي # عَلَيَّ بِحُلَّةٍ، فَأَخَذَهَا الرَّجُلُ فَلَبِسَهَا، ثم أنشأ يقول:
  كَسَوْتَنِي حُلَّةٌ تَبْلَى مَحَاسِنُهَا ... لَأَكْسُوَنَّكَ مِنْ حُسْنِ الثَّنَا حُلَلًا
  إِنْ نِلْتَ حُسْنَ ثَنَاءِ نِلْتَ مَكْرُمَةٌ ... ولَسْتَ تَلْقَى بِمَا قَدْ قُلْتُهُ بَدَلَا
  إِنَّ الثَّنَاءَ لَيُحْيِي ذِكْرَ صَاحِبِهِ ... كَالْغَيْثِ يُحْيِي نَدَاهُ السَّهْلَ وَالْجَبَلَا
  لا تَزْهَدِ الدَّهْرَ في خيرٍ تُوَافُقُه ... فَكُلُّ عَبْدِ سَيُجْزَى بِالَّذِي عَمِلَا
  فقال علي #: علي بالدنانير؛ فأُتي بمائة دينار فدفعها إليه! قال الأصبغ: فقلتُ: يا أمير المؤمنين حُلَّةً ومائة دينار! قال: نعم، سمعت رسول الله ÷ يقول: أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ، وهذه منزلةُ هذا الرجل عِنْدِي [تاريخ دمشق ٤٢/ ٥٢٣].
  وأخرج العسكري، عن عبيد الله بن محمد بن عائشة(٢)، قال: وقف سَائِل على أمير المؤمنين علي #، فقال للحسن أو الحسين: اذْهَبْ إلى أمك فقل لها تركتُ عندك ستة دراهم فَهَاتِ منها درهما، فذهب ثم رجع، فقال: قالت: إنما تركت ستة دراهم للدقيق! فقال علي #: لا يَصْدُقُ إيمانُ عَبْدِ حتى يكون بما في يد الله
(١) الحنظلي التميمي المجاشعي الكوفي، روى عن علي #، وعن أبي أيوب، وعن عمر بن الخطاب، والحسن بن علي، وروى عن أبي أيوب: أمرنا رسول الله ÷ بقتال الناكثين .... إلخ. تهذيب الكمال ٣/ ٣٠٨.
(٢) عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر القرشي التيمي المعروف بابن عائشة؛ لأنه من ولد عائشة بنت طلحة بن عبيد الله، قدم بغداد، محدث، ت: ٢٢٨ هـ، روى له الترمذي والنسائي تهذيب الكمال ١٩/ ١٤٧.