الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

ذكر أنه يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول الله ÷ على تنزيله

صفحة 353 - الجزء 1

  وعمرو بن العاص؛ فَخَرَجَ بذلك ثلاثة، كان عبدالرحمن بن ملجم هو الذي التزم قتل علي #، فدخل الكوفة عازمًا على قتله؛ فَشَرَى سيفا بألفٍ، وسقاه السَّم فيما زعموا حتى لَفَظَهُ! وكان في خلال ذلك يأتِي عَلِيًّا يَسْأَلُهُ، وَيَسْتَحْمِلُهُ فَيَحْمِلُهُ، إلى أَنْ وَقَعَتْ عَيْنُهُ عَلَى قَطَامِ امْرَأَةِ رَائِعَةٍ جَمِيلَةٍ، كانت ترى رأي الخوارج، وكان عليّ # قد قتل أباها وإخوتها بالنهروان، فَأَعْجَبَتْهُ ووَقَعَتْ في نفسه؛ فخطبها ابن ملجم! فقالت: آليتُ ألا أتزوج إلا على مَهْرِ لا أُرِيدُ سواه، قال: وما هو؟ قالت: ثلاثة آلاف دينار، وقتل علي! قال: والله لقد قصدت لقتل عَليَّ ولِلْفَتْكِ به، وما أقدمني هذا المصرَ غَيْرُ ذلك، ولكني لما رَأَيْتُكِ آثرتُ تزويجك، فقالت: ليس إلا الذي قُلْتُ لك، قال: وما يُغْنِيكِ أَوْ يُغْنِينِي قَتَلُ عَلِيَّ؟! وأَنَا أَعْلَمُ أَنِّي إِنْ قَتَلْتُهُ لَمْ أَبِتْ! فقالت: إِنْ قَتَلْتَه ونجوت فهو الذي أردتَ؛ تَبْلُغَ شفاءَ نفسي، ويَهْنِيكَ العَيْشُ معي! وإِنْ قُتِلتَ فما عند اللَّه خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما فيها! فقال لها لَكِ ما اشْتَرَطْتِ، فقالت: وسَأَلْتَمِسُ لَكَ مِنْ يَشُدُّ ظَهْرَكَ، وبَعَثَتْ إلى ابن عم لها يُسَمَّى وَرْدَانَ بْنَ مجالد؛ فأجابها إلى ذلك، ولقي ابن ملجم شبيبَ بْنَ بَجْرَةَ الأشجعي فقال له: يا شبيب هل لك في شرف الدنيا والآخرة؟ قال: وما هو؟ قال: تساعدني على قتل علي بن أبي طالب، قال: ثكلتك أمك! لقد جِئْتَ شَيْئًا إِذًا، كيف تقدر على ذلك؟! قال: إِنه رَجُلٌ لا حَرَسَ له! ويخرج إلى المسجد منفردًا دون مَنْ يحرسه! فَنَكْمُنُ له في المسجد، فإذا خرج إلى الصلاة قتلناه، فإن نحن نجونا نجونا، وإن قُتِلْنَا سَعِدنا بالذكر في الدنيا وبالجنة في الآخرة! فقال له: وَيْحَكَ إِنَّ عَلِيَّا ذُو سابقةٍ في الإسلام مع رسول الله ÷! والله ما تنشرح نفسي لقتله! قال له: ويحك إنه حَكَمَ الرجال في دين الله، وقتل إخواننا الصالحين؛ فنقتله ببعض مَنْ قَتَلَ، فلا تَشُكَنَّ في دينك، فأجابه، وأقبلا حتى دخلا على قَطَامِ وهي معتكفة في المسجد الأعظم في قبة ضربتها لنفسها، فَدَعَتْ لهم! وأخذوا أسيافهم وجلسوا قُبَالَةَ السُّدَّةِ التي يخرج منها علي #،