الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

ذكر أنه يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول الله ÷ على تنزيله

صفحة 354 - الجزء 1

  فخرج علي كرم الله وجهه إلى الصلاة؛ صلاة الصبح، فَبَدَرَهُ شَبِيب بضربة فأخطأه، وضربه ابن ملجم على رأسه وقال: الحُكْمُ لِلهِ يا عَلِيُّ لَا لَكَ، وَلَا لأَصْحَابِكَ! فقال علي #: فُرْتُ ورَبِّ الكعبة! لا يَفُوتَنَّكُمُ الْكَلْبُ؛ فَشَدَّ الناسُ عليه من كل جانب فأخذوه، وهَرَبَ شَبِيبٌ خَارِجًا من باب كندةَ، فَلَمَّا أُخِذَ قال علي #: احْبِسُوهُ فَإِنْ مِتْ فَاقْتُلُوهُ، ولَا تُمَتِّلُوا به! وإِنْ لَمْ أَمُتْ فَالأَمْرُ إِلَيَّ في العفو أو القصاص. أخرجه أبو عمر بن عبد البر. واختلفوا هَلْ ضَرَبَهُ في الصلاة، أو قبل الدخول فيها؟ وهل اسْتَخْلَفَ مَنْ أَتَمَّ الصَّلاةَ أَوْ هُوَ أَتَمَّهَا؟ والأكثرُ: أنه استخلفَ جَعْدَةَ بْنَ هُبَيْرَةَ فصلى بهم تلك الصلاة، وكان قتله في صبيحة يوم سابع عشر من رمضان سنة ٤٠ هـ مثل صبيحة بدر⁣(⁣١).

  وأخرج العلامة محمد بن جرير الطبري | بإسناده إلى الحسن بن علي #، قال: خرجتُ وأبي يصلي في المسجد فقال: يا بُنَيَّ إني بتُ الليلةَ أُوقظ أهلي؛ لأنها ليلة الجمعة، صبيحة ليلة بدر لسبع عشرة خلت من رمضان، فَسَنَحَ لي رسول الله ÷، وذكر الرؤيا التي سقناها، وقيل: إنها ليلة إحدى وعشرين، وقيل غير ذلك.

  قلت: والرؤيا التي أشار إليها ابن جرير هي ما أخرجه أبو عمر بن عبد البر، عن الحسن البصري أنه س ه سمع الحسن بن علي @: أنه سمع أباه # في سَحَرِ اليوم الذي قتل فيه يقول لهم: يا بني إني رأيتُ النبي ÷ في نومةٍ تمتها، فقلت: يا رسول الله ما لقيتُ من أمتك من الأَوَدِ واللَّدَدِ؟! فقال: ادْعُ عليهم، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ أَبْدِلْنِي خَيْرًا منهم، وأَبْدِلْهُمْ شَرًّا مني! وجاءَ مُؤَذِّنُهُ يُؤْذِنْهُ بالصلاة، فخرج فقتله ابن ملجم - عليه لَعْنَةُ اللهِ⁣(⁣٢).

  وأخرج أحمد في المناقب، عن الحسين بن كثير، عن أبيه، وكان قد أدرك عليها #، قال: خرج علي إلى الفجر، فَأَقْبَلَ الإِوَزُّ يَصِحْنَ في وجهه؛ فَطَرَدُوهُنَّ؛


(١) الذخائر ١١٢، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٨٥٥، والاستيعاب ٣/ ٢١٨ و ٢٢١، وتاريخ الطبري ٥/ ١٤٣ - ١٤٦.

(٢) أسد الغابة ٤/ ١١٣، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٥٥٩.