الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

ذكر أنه يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول الله ÷ على تنزيله

صفحة 355 - الجزء 1

  فقال: دَعُوهُنَّ فَإِنَّهُنَّ نَوَائِحُ ... إلى آخره، فضربه ابن ملجم لعنه الله، فَقُلْتُ: يا أمير المؤمنين خَلّ بيننا وبين مُرَادٍ فلا تقوم لهم ثَاغِيةٌ ولا رَاغِيةٌ أَبَدًا! قال: لا، ولَكِنِ احْبِسُوا الرَّجُلَ: فَإِنْ أَنَا مِتُّ فَاقْتُلُوهُ، وَإِنْ أَعِشْ فَالجُرُوحُ قِصَاصُ. الثاغية: الشاة والراغية البعير⁣(⁣١).

  وفي الجامع الكبير قال: لما كَانَتِ اللَّيْلَةُ التي أُصِيب فيها عَلي # أتاه ابْنُ التياح حين طلع الفجر يُؤْذِنُهُ بصلاة الفجر، وهو مُضْطَجِعُ فَتَثَاقَل! فعاد إليه الثانية وهو كذلك! ثُمَّ عاد الثالثة فقام وهو يقول:

  اشْدُدْ حَيَازِيْمَكَ لِلْمَوْتِ ... فَإِنَّ الْمَوْتَ لَا قِيْكَا

  وَلَا تَجْزَعْ مِنَ الْمَوتِ ... إِذَا حلَّ بِوَادِيْكَا

  فلما بلغ الباب الصغير شَدَّ عليه ابن ملجم لعنه الله فضربه⁣(⁣٢).

  وفي الجامع الكبير، عن عثمان بن المغيرة، قال: لَمَّا دخل رمضان كان علي # يُفْطِرُ ليلةً عند الحسن، وليلة عند الحسين، وليلةً عند عبد الله بن جعفر، لا يزيد على ثلاثِ لُقَم يقول: يأتيني أَمْرُ الله وأنا خَميصُ! فإنما هي ليلة أو ليلتان؛ فَأُصِيْبَ من آخِرِ اللَّيْلِ! أخرجه يعقوب بن سفيان⁣(⁣٣).

  وأخرج أبو داود في القَدَرِ من حديث قتادة: إِنَّ آخِرَ ليلةٍ أَتَتْ على عَليٍّ # جَعَلَ لا يَسْتَقِرُّ؛ فَارْتَابَ أَهْلُهُ؛ فَجَعَلَ يَدُس بعضهم إلى بعض، فاجتمعوا فناشدوه؛ فقال: إنه ليس مِنْ عَبْدِ إلا ومَعَهُ مَلَكَانِ يَدْفَعَانِ عنه، ما لم يُقَدَّر، أو قال: ما لم يَأْتِ القَدَرُ، فَإِذَا أَتَى القَدَرُ خُلِّيَ بينه وبين الْمُقَدَّرِ! ثم خرج إلى المسجد فَقُتِل⁣(⁣٤). قال أبو الفرج الأصبهاني: وجُمِعَ له # الأطباء الكوفة، فلم يكن منهم أَعْلَمَ بِجُرْحِهِ مِنْ عمرو بن هانئ السَّكُونِي، وكان مُتَطَيِّبًا يعالج الجراحات، فلما


(١) فضائل الصحابة ٢/ ٦٩١ رقم ٩٤٤، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٥٥٥.

(٢) الجامع الكبير للسيوطي ١٦/ ٢٨٧ رقم ٧٩٩٤، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٥٥٥.

(٣) الجامع الكبير للسيوطي ١٦/ ٢٨٧ رقم ٧٩٩٢، وأسد الغابة ٤/ ١١١، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٥٥٦.

(٤) أبو داود في القدر، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٥٥٣، وينظر كنز العمال ٢٩/ ٣٤٠ رقم ٣٢٢٩٦.