ذكر أنه يقاتل على تأويل القرآن كما قاتل رسول الله ÷ على تنزيله
  نظر إلى جرح أمير المؤمنين # دَعَا بِرِيَةِ شَاةٍ حَارَّةِ، وَاسْتَخْرَجَ مِنها عِرْقًا فأدخله في الجرح ثم نفخه، ثم استخرجه وإذا عليه بياض الدماغ! فقال: يا أمير المؤمنين، اعْهَدْ عَهْدَكَ فَإِنَّ عَدُوَّ اللهِ لعنه الله قد وَصَلَتْ ضَرْبَتُهُ إِلى أُمِّ رَأْسِكَ! فدعا عند ذلك بدواة وصحيفة وكتب وصيته، نقلها أبو الفرج [مقاتل الطالبيين ٢٧].
  وذكر المحب: أَنَّهُ لَمَّا ضَرَبَهُ ابن ملجم أوصى إلى الحسن والحسين وَصِيَّةً طويلة في آخرها: يا بني عبد المطلب لا تَخُوضُوا في دماء المسلمين خَوْضًا؛ تقولون: قُتِلَ أمير المؤمنين، ألا لا يُقْتَل بي إِلَّا قَاتِلِي! انظروا إذا أنا مِتُّ مِنْ ضربتي هذه فَاضْرِبُوهُ ضربةً بضربة، ولا تُمَثّلُوا بِهِ؛ فإني سمعت رسول الله ÷ يقول: «إِيَّاكُمْ وَالْمُثْلَةَ وَلَوْ بالكلب العقور!» أخرجه الفضائلي(١)، وأَما سِنهُ # يَوْمَ مَاتَ فاختلف في ذلك: فقيل: سبع وخمسون سنة، وقيل: ثمان وخمسون، وقيل: ثلاث وستون، ذكر ذلك ابن عبد البر(٢)، والأكثر من الرواة على الأخير: صَحِبَ النبي ÷ في مكة ثَلَاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وعَشْرًا بعد الهجرة، وعاشَ بَعْدَهُ ثلاثين، وكانت مُدَّةُ خلافته أربع سنين، وسبعة أشهر، وستة أيام، وقيل: ثلاثة أيام، وقيل: أربعة عشر يومًا. وأما قبره # فقد اختلف فيه، فالأصح أنه الذي في الغَرِيِّ الذي يُزَارُ اليوم، واختاره ابن أبي الحديد(٣)، وهو الذي زاره أولاده: جعفر بن محمد وغيره، ولم يكن قَبْرًا ظاهرًا حتى جاء محمد بن زيد الداعي صاحب الديلم فأظهر القبة، قال الجندي: والأصح عندهم أنه مدفون وراء المسجد الذي يَؤُمُّه الناس اليوم، وعن أبي جعفر @ أَنَّ قَبْرَهُ جُهِلَ مَوْضِعُهُ. غَسَلَهُ
(١) ذخائر العقبى ص ١١٦، وتاريخ الطبري ٥/ ١٤٨.
(٢) ذخائر العقبى ١١٦، والاستيعاب ٣/ ٢١٧ - ٢١٨.
(٣) وهو المشهور عن أئمة أهل البيت $، وقد ذكر صاحب الحدائق الوردية ٩٨: أن الإمام الحسن صلى على الإمام علي # وكبر خمسا، لا كما يدعي المدعون، وأنه دفن بالرحبة، ثم نقل إلى الغري، وذكر أقوال الأئمة التي نصت على ذلك: منهم الإمام زيد بن علي @، والإمام جعفر بن محمد @، وروايتهم في ذلك متظافرة يؤكد بعضها البعض، فكيف يقول ويجتري المجتري من الجهلة وعلماء السلطة بالقول بأن قبر الإمام علي # لا يعرف، إنما يُعْتَدُّ بالخلاف في مَحَلَّ الدليل والعلم، وأما الجهل بالشيء فهو أمر لا يعتد به؛ وَمَنْ عَلِمَ حجة على مَنْ جهل لا العكس، وصاحب البيت أدرى بالذي فيه.