الروضة الندية شرح التحفة العلوية،

محمد بن إسماعيل بن صلاح الأمير (المتوفى: 1182 هـ)

ذكر بني أمية وقصدهم هدم مناقب أمير المؤمنين #

صفحة 383 - الجزء 1

  الأيام: أَيُّهُمَا أفضل عندك: وَلَدَيَّ أَوِ الحسن والحسين؟! فقال |: تُرب أقدام الحسنين أفضل من ولديك! فَأَمَرَ الأتراك فداسته حتى هلك |(⁣١).

  وناهيك أنهم كانوا يطفئون من شموس فضائله ما لا ينطفي: ككونه من أهل بدر: كما قال عمر بن عبد العزيز: كُنْتُ غلامًا أقرأُ القرآنَ عَلَى بَعْضِ وَلَدِ عُتْبَةَ بْنِ عبد الله بنِ مسعودٍ، فَمَرَّ بي يَوْمًا وأنا ألعب مع الصبيان ونحن نَلْعَنُ عَليا #، فَكَرِهَ ذلك ودَخَلَ المسجدَ؛ فتركتُ الصبيانَ وجِئْتُ إليه لأدرس عليه، فلما رآني قام فَصَلَّى وَأَطَالَ في الصلاةِ شِبْهَ الْمُعْرِضِ عَنِّي حتى أحسستُ منه ذلك، فلما انفتل من صلاته كَلَحَ في وجهي! فقلتُ: ما بالُ الشيخ!؟ قال لي: يا بني أنت اللاعنُ عَلِيًّا منذ اليوم؟ قلتُ: نعم! قال فمتى علمت أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم؟! فقلتُ: يا أَبَتِ، وهل كَانَ عَليَّ من أهل بدر؟! فقال: ويحك، وهل كانت بَدْرُ كُلُّهَا إِلَّا لَهُ! فقلتُ: لا أعود، فقال: الله إِنَّكَ لا تعود؟ فقلتُ: نعم، فَلَمْ أَلْعَنْهُ بعدها، انتهى [شرح النهج ١/ ٧٧٩].

  وفي هذا القَدْرِ كفاية بقدر حال هذه الكراريس. قوله حماه الله:

  ٦٩ - كُلُّ مَا لِلصَّحْبِ مِنْ مَكْرُمَةٍ ... فَلَهُ السَّبَقُ تَرَاءِ الأَولِيا

  ٧٠ - جُمعَتْ فِيهِ وَفِيهِمْ فُرْقَتْ ... فَلِهَذَا فَوْقَهُمْ صَارَ عَلِيَّا

  اعلم أَنَّ أُمَّهَاتِ الفضائل عَشْرُ: لِأَمِيرِ المؤمنين # مِنْ كُلِّ منها الحظ الوَافِرُ، وَسَهْمُهُ فيها السَّهُمُ القَامِرُ:

  أَوَّلُها السَّبْقُ إلى الإسلام: كما قال تعالى: {وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ}⁣[التوبة: ١٠٠] الآية؛ وقد سبق لك في أول شرح الأبيات أنه السابق إلى الإسلام.

  الثانية: الهجرة، قال تعالى: {ٱلَّذِينَ أُخۡرِجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ}⁣[الحشر: ٨]، وقدمنا لك


(١) ابن السكيت يعقوب بن إسحاق أبو يوسف. أعيان الشيعة ١٠/ ٣٠٥، والأعلام ٨/ ١٩٥، ووفيات الأعيان ٢/ ٣٠٩، وسير أعلام النبلاء ١٢/ ١٨، وتاريخ الخلفاء ١/ ٣٠١، وتاريخ أبي الفداء ١/ ٣٩٧.