ذكر بني أمية وقصدهم هدم مناقب أمير المؤمنين #
  أنه من السابقين في الهجرة، وإِنَّمَا خَلَّفَهُ رسول الله ÷ بعده ثلاثا حتى أدى عنه الأمانات، مع أنَّ تخليفه له فضيلة لم تكن لأحد غَيْرِهِ؛ وهو أنه فدى رسول الله ÷ بنفسه بمبيته على فراشه ليلة خروجه من مكةَ؛ فَهْوَ الْأَوْلَى أيضًا فيها [وكلفه برد الودائع].
  الثالثة: الكَوْنُ من أهل بدر؛ لحديث: «لَعَلَّ اللهَ اطَّلَعَ على أَهْلِ بَدْرٍ فقال: اعْمَلُوا مَا شِئتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ»، وهو متواتر معنى، وأسلفنا لك أَنَّ بَدْرًا كانت كُلُّها له؛ فَهْوَ الأَوْلَى في هذه المزية.
  الرابعة: بيعة الرضوان عام الحديبية التي أنزل الله فيها: {۞لَّقَدۡ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ يُبَايِعُونَكَ تَحۡتَ ٱلشَّجَرَةِ}[الفتح: ١٨]، وقد كان أمير المؤمنين # من أَعْيَانِ أَرْبَابِهَا، وهو كاتب كتاب الصُّلْحِ بِيَدِهِ الشريفة، وتلقين الرسول ÷ له(١).
  الخامسة: الشَّدَّةُ على الكفار كما قال تعالى: {أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ}[الفتح: ٢٩]، وقد عَلِمَ الناسُ كَافَّةً أنه كان أَشَدَّ الصحابة وَطأة على المشركين، وهل شَتَتَ جُموعَهُمْ وبَدَّدَ شَمْلَهُمْ سِوَاهُ؟! وهل سَالَتْ مُهَجُهُمْ عَلى غَيْرِ حَدٌ ظُبَاهُ؟! وقد أسلفنا ما لا تزيد الشمسُ ظُهُورَهُ إِنَارَةً.
  السادسة: الرحمة للمؤمنين كما قال تعالى: {رُحَمَآءُ بَيۡنَهُمۡۖ}[الفتح: ٢٩]، وقد ثبت في حديث ضِرَارٍ أنه كان كأحدهم، وقد ترجم محب الدين الطبري | خالفة بذكر شفقته على أمة محمد ÷ في الجاهلية والإسلام، وأَنَّ اللَّهَ خَفَّفَ عن الأُمَّةِ بسببه، وساق في ذلك ما أخرجه أبو حاتم عن علي # قال: لما نزلت: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نَٰجَيۡتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَةٗۚ}[المجادلة: ١٢] - قال لي رسول الله ÷: ما ترى؟ دِينَارًا؟ قلت: لا يُطِيقُونَهُ، قال: فكم؟ قلت: شعيرة، قال: إنك لزهيد! فنزلت: {ءَأَشۡفَقۡتُمۡ أَن تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ
(١) فرائد السمطين ١/ ٣٦١ رقم ٢٨٨، وتاريخ دمشق ٤٢/ ٤٦٤، وفضائل الصحابة ٢/ ٧٣١ رقم ١٠٠٢، ومسند أحمد ١/ ١٨٦ رقم ٦٥٦، وصحيح ابن حبان ١١/ ٢١٤ رقم ٤٨٧٠، والمستدرك ٢/ ١٥٠، وأبو يعلى ٦/ ٦٩ رقم ٣٣٢٣، وسنن البيهقي ٨/ ١٧٩، وسنن النسائي الكبرى ٥/ ١٦٧ رقم ٨٥٧٦، وابن هشام ٢/ ٣١٧، وابن كثير ٣/ ٣١٩، وطبقات ابن سعد ٢/ ٩٧، وتاريخ الطبري ٢/ ١٢١.