ذكر بني أمية وقصدهم هدم مناقب أمير المؤمنين #
  شَيْئًا من الصدقة، مَشْهُورٌ في النهج فلا نُطَوَّلُ بذكره [النهج ١/ ٥٩١ رقم ٢٢٢].
  العاشرة: الفَوْزُ بالشهادةِ؛ وقَدْ فَازَ بها في أَفْضَلِ الْأَيَّامِ عَلَى يَدَيْ أَشْقَى الْأَنَامِ؛ فهذه من أمهاتِ الفضائل التي أثنى الله على مَنِ اتَّصَفَ بها من السابقين الأولين(١)؛ وجميع أسباب الفضائل متفرعة عنها: كالجهاد متفرع عن الشدة على الكفار، والإيثار عن الجودِ والزُّهْدِ ونحو ذلك؛ ولا يَشُكُ نَاظِرُ أَنَّ الوَصِيَّ # قد كان في هذه الرتب العظيمةِ الرَّاقِيَ ذُرْوَتَها، والآخِذَ من كل مَكْرُمَةٍ بناصيتها، وأنه أَحْرَزَهَا كُلَّهَا، وجمعها الله تعالى له بأسرها؛ وذلك فَضْل الله يؤتيه من يشاء، فقد ظهر معنى قوله - حماه الله - (جُمِعَتْ فِيهِ، وَفِيهِمْ فُرقَتْ)، وهو معنى قول الإمام شرف الدين #:
  وإِنْ يَكُنْ لِفَتَى مِنْ صَحْبِهِ شَرَفٌ ... سَامِ فَإِنَّ عَلِيًّا فِيهِ مَا فِيهِ
  وقَوْلُهُ: (فَلِهَذَا فَوْقَهُمْ صَارَ عَلِيًّا): مُتَفَرِّعُ على صدر البيت - يُشِيرُ إلى مَسْأَلَةِ التفضيل المشهورة، وهي مسألة اختلف فيها الناس: فالمحدثون والمعتزلة إلا الأقل على أن التفضيل على ترتيب نيل الخلافة، وأَنَّهُ الله الرُّتْبَةُ الرَّابِعَةُ في الفضل، والأقل يقدمونه على عثمان ويجعلون رُتْبَتَهُ الثَّالِثَةَ.
  والذي عليه الآل، وبَعْضُ من أئمة الاعتزال، وجَمَاعَةٌ مِنْ أئمة الآثار: كالحاكم أبي عبد الله بن البيع وغيره: أَنَّ الوَصِيَّ # أَفْضَلُ الْأُمَّةِ بَعْدَ رَسُولِ الله ÷، وهو الْحَقُّ الذي أَشَارَ إليه الناظم حماه الله تعالى.
  قال بعض المحققين: إِنْ كان التفضيل باعتبار المزايا الموجبة لارتفاع الدرجة: من الجهاد، والعلم والعبادة، والسبق والقرابة، والقوة في ذات الله، وغير ذلك، فلا شَكٍّ أنه لا مَزِيَّةَ مِنْ هذه وأَمْثَالِهَا إِلَّا وَلِلْوَصِيِّ # أَعْظَمُهَا رُتْبَةً، وَأَرْفَعُهَا دَرَجَةً، وأَنَّهُ نَالَ مِنْ كُلِّ مَكْرُمَةٍ ما لم يَنَلْهُ غَيْرُهُ مِمَّنْ شَارَكَهُ فِيهَا، وَاخْتَصّ بما لم يُشَارِكْهُ أَحَدٌ فيه؛ فَهُوَ أَفْضَلُ الْأُمَّةِ، وإِنْ كَانَ التَّفْضِيْلُ باعتبارِ مَا عِنْدَ اللهِ مِنَ الإكرام والتَّعْظِيم
(١) روى ابن عساكر في تاريخه ٤٢/ ٥٦١ قول الإمام علي عندما ضربه ابن ملجم: فزت ورب الكعبة.