(ذكر شفقة النبي ÷ على علي #، ورعايته له، ودعائه له)
  هذي الْمَفَاخِرُ لَا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ ... شِيْبَا بِمَاءٍ فَعَادَا بَعْدُ أَبْوَالا
  وَكَفَاهُ شرفًا شَهَادَةُ رسول الله ÷ بأنه يُحِبُّ الله ورسولَهُ، وَكَفَاهُ شرفًا شَهَادَةُ الرسول ÷ بأنه كَرَّارٌ غير فَرَّارٍ، وَكَفَاهُ شرفًا تَهَدُّدُهُ ÷ لقريش بأنه يبعثه عليهم، وكفاه شرفًا شَهَادَةُ رسول الله ÷ له بأَنَّ اللهَ امْتَحَنَ قَلْبَهُ لِلتَّقْوَى(١)، وَكَفَاهُ شرفًا أنه من أهل الكساء، وَكَفَاهُ شرفًا أَنَّ اللهَ سَمَّاهُ ورسوله ÷ نَفْس رسول الله ÷، وَكَفَاهُ شَرَفًا أَنَّهُ ثَانٍ لرسوله في كتابةِ اسْمِهِ في سَاقِ الْعَرْشِ، وَكَفَاهُ شَرَفًا أَنَّهُ ثَانٍ لرسول الله في سُؤَالِهِ مِنَ اللهِ كُلَّمَا سَأَلَهُ لِنَفْسِهِ، وَاسْتِعَاذَتِهِ لَهِ مِنْ كُلَّ مَا اسْتَعَاذَ منه لنفسه: كما أخرجه الإمام المحاملي(٢) عن عبيد الله بن الحارث، قال: قُلْتُ لعلي بن أبي طالب: أَخْبِرْنِي بِأَفْضَلِ مَنْزِلَتِكَ مِنْ رسول الله؟ قال: نَعَمْ، بينا أنا نائم عنده وهو يصلي فلما فرغ من صلاته قال: «يَا عَلِيُّ ما سألت الله ø شَيْئًا إِلَّا سَأَلْتُ لك مِثْلَهُ، ولا اسْتَعَذْتُ باللهِ من شيءٍ إِلَّا اسْتَعَذْتُ لَكَ مِثْلَهُ»(٣)، وكفاه شرفًا أن رسول الله ÷ أَدْخَلَهُ في ثَوْبِهِ يومَ تُوَفِّي، واحْتَضَنَهُ إِلَى أَنْ قُبِضَ، وكفاه شَرَفًا أَنَّهُ أعلمُ الناسِ بالسُّنَّةِ، وكفاه شرفًا أنه أكثرُ الْأُمَّةِ عِلْمًا، وَأَعْظَمُهُمْ حِلْمًا، وكفاه شرفًا أَنَّ الصَّحَابَةَ أَحَالَتِ السُّؤَالَاتِ - لَمَّا سُئِلُوا - عليه، وكفاه شرفًا أنه لم يَكُنْ في الصحابةِ مَنْ يَقُولُ: سَلُونِي قَبْلَ فَقْدِي غَيْرُهُ، وكفاه شرفا دُعَاءُ النبي ÷ حين وَلاهُ القَضَاءَ بِأَنْ يُثَبِّتَ اللهُ لِسَانَهُ، ويَهْدِي قَلْبَهُ، وكفاه شرفًا قَوْلُ الرسولِ ÷: إِنَّهُ أَقْضَى أُمَّتِهِ، وكفاه شرفًا أَنَّ رسولَ اللهِ ÷ قَرَّرَ قَضَاءَهُ وأُعْجِبَ بِهِ، وقال: الحَمْدُ لله الذي جَعَلَ فينا أَهْلَ البيتِ الحِكْمَةَ، وكفاه شرفًا أنه مِنْ سَادَاتِ أَهْلِ الجنَّةِ: كما أخرجه ابن السِّري عن أنس ¥، قال: قال رسولُ
(١) في (ب): بالإيمان.
(٢) أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد الضبي المحاملي (ت: ٣٣٠ هـ)، قال أبو بكر الخطيب: كان فاضلا دينا، شهد عند القضاة وله عشرون سنة، وولي قضاء الكوفة ستين سنة. تاريخ بغداد ٨/ ١٩، وسير أعلام النبلاء ١٥/ ٢٥٨ رقم ١١٠.
(٣) الذخائر ٦١ عن المحاملي، والطبراني في الأوسط ٨/ ٤٧ رقم ٧٩١٧، والنسائي ٥/ ١٥١ رقم ٨٥٣٣.