حال عودته من رحلته العلاجية
  تَسُوءَ سُمْعَةُ الفُنْدَقِ، وقالوا له: نحن مُسْتَعِدُّونَ أن نُعَوِّضَكَ عن أيِّ شيء فَقَدْتَهُ كائناً ما كان، فقال الْمُتَرْجِمُ له: قلْ لهم كانَ لدَيَّ كذا وكذا من المال وأُرِيدُ تَعْوِيضاً ... الخ.
  فأبى، وأَخْبَرَهُمْ بأنه لم يَفْقِدْ شَيئاً من أَغْرَاضِهِ، فأَكْرَمُوهُ وقالوا: الحِسَابُ فيما مَضَى أنْتَ مَسْمُوحٌ فيه، وامْكُثْ ما شِئْتَ في الفُنْدُقِ والحِسَابُ عَلَينا.
  وبذلِكَ اسْتَجابَ اللهُ دُعاءَهُ سَرِيعاً، وأَتَاهُ الفَرَجُ من حَيْثُ لم يَعْلَمْ.
حال عودته من رحلته العلاجيّة
  وأخبرنا والدنا # أنّه عند عَوْدَتِهِ من هذه الرِّحلةِ إلى مطار جدّة وَقَعَ له لُطْفٌ عَظِيمٌ، فكَانَ قَدْ قامَ بِتَصْوِيرِ كُتُبٍ مَخْطُوطَةٍ كَثِيرَةٍ من مَكْتَبَةِ المتحف البريطاني الذي ذَكَرْنَاهُ سَابِقاً، وجَمَعَ تِلْكَ الكُتُبَ وهي لا تَزَالُ أَوْرَاقاً غَيْرَ مُجَلَّدَةٍ في حَقِيبَةٍ كَبِيرَةٍ، وكان ذِهْنُهُ مَشْغُولاً طوَالَ الرِّحْلَةِ من التَّفْتِيشِ والسُّؤَالِ والجَوَابِ وما إلى هنالك، وظَلَّ يَدْعُو اللهَ تعالى بِتَيْسِيرِ الأُمُورِ، وعندَ وُصُولِهِ إلى صَالَةِ المطَارِ وهو مُقْبِلٌ على العَسْكَرِ ورِجَالِ الجمارِكِ سَقَطَتْ منه تلك الحَقِيبَةِ لِثِقَلِها، وانْفَتَحَتْ بما فيها، فإذا بالأَوْرَاقِ مُنْتَشِرَة في أَرْجَاءِ صَالَةِ المطارِ، فَهَرَعَ العَسْكَرُ والموظَّفُونَ لِمُسَاعَدَتِهِ، وجاءُوا له بِكُرْسِيٍّ وقالوا له: اسْتَرِحْ يا شَيْخُ ونَحْنُ سَنَكْفِيكَ، وقَامُوا بِجَمْعِ تِلك الأوْرَاقِ وتَرْتِيبِهَا وَوَضْعِها في الحَقِيبَةِ وحَمَلُوها مَعَهُ إلى مَوَاقِفِ السّيَّارَاتِ، وكَفَاهُ اللهُ تَعالى هَمَّه.