في رحاب سيرة الإمام المجدد للدين مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي (ع)،

إبراهيم بن مجدالدين المؤيدي (معاصر)

صور تدل على علو همته في طلب العلم

صفحة 97 - الجزء 1

  وذَهَبَ إلى الْمَسْجِدِ وأَتَمَّ دُرُوسَهُ الْمُعْتَادَةَ.

  وأخبرنا السيد العلامة الولي عبدالعظيم بن الحسن بن الحسين الحوثي | قال: كُنَّا أَثْنَاءَ الدِّراسَةِ مع الْعُلَماءِ الأَعْلامِ على مولانا # نَتَعَاقَبُ عليه مَجْمُوعَةً بَعْدَ مَجْمُوعَةٍ، وهو لا يَتْعَبُ ولا يَكِلُّ ولا يَسْأَمُ ولا يَسْتَرِيحُ، وعندما يأتي وَقْتُ النوْمِ نُقْفِلُ الدُّرُوسَ عليه، وتَأْوِي تِلْكَ المجموعَاتُ كلٌّ إلى فِرَاشِهِ، وكان # يَسْكُنُ سَاعَةً أو نحوها حتى يَتَأَكَّدَ من أنّ جميعَ الطلبة قد ناموا، فَيُشْعِلُ الضَّوْءَ خَافِتاً، ويَبْدَأُ بتقْلِيبِ الكُتُبِ، ويَغُوصُ في بُحُورِها إلى ما شاء الله تعالى، وكُنْتُ أَرَاقِبُهُ وهو على ذلك الحَالِ مِرَاراً عَدِيدَة حتى يَغْلِبَنِي النوم، انتهى.

  وقد رَأَيْنا من والِدِنا # عَجَائِبَ في مِثْلِ هذا، فكان مع كِبَرِ سِنِّه وضَعْفِهِ ومَرَضِهِ على هذا الحال، وكانَ يُقْسِمُ لنا أنَّه لا يَلْتَذُّ بأَكْلٍ ولا بشُرْبٍ، وإنَّما يَتَناوَلُ من ذلك ما هو ضَرُورِيٌّ لاسْتِقَامَةِ الحَيَاةِ، وكَانَ يَتَحَسَّرُ على ضَيَاعِ الوَقْتِ القَصِير، وليسَ له وَقْتٌ للرَّاحَةِ أبداً، ولا يَنَامُ إلا إذا غَلَبَهُ النوْمُ، وينامُ سَاعَةً أو نحوها ويَرْجِعُ للمُطَالَعَةِ والبَحْثِ والتَّنْقِيبِ، وهكَذا، ولم نكن نَسْتَطِيعُ مُجَارَاتَهُ ونحنُ في شَبَابِنَا وهو في سِنِّ الشَّيْخُوخَةِ والضَّعْفِ والْمَرضِ.

  وقد كانَتْ والِدَتُنا - رحمها الله تعالى وأَسْكَنَها فَسِيحَ جَنَّاتِهِ وجَزَاهَا عنه وعنّا خَيْرَ الجزَاءِ - تُجْهِدُ نَفْسَها كَثِيراً في مُتَابَعَتِهِ لأَكْلِ وَجْبَتِهِ اليَسِيرَةِ، وإلا اشْتَغَلَ عن الأَكْلِ بالْمُطَالَعَةِ والقِرَاءَةِ وهو لا