لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[باب الباء]

صفحة 409 - الجزء 2

  البَراحِ.

  وقولهم: لا بَراحَ، منصوب كما نصب قولهم لا رَيْبَ، ويجوز رفعه فيكون بمنزلة ليس؛ كما قال سعدُ بنُ ناشِبٍ في قصيدة مرفوعة:

  مَنْ فَرَّ عن نِيرانِها ... فأَنا ابنُ قَيْسٍ لا بَراحُ

  قال ابن الأَثير: البيت لسعد بن مالك يُعَرِّضُ بالحرث بن عَبَّاد، وقد كان اعتزل حَرْبَ تَغْلِبَ وبكرٍ ابني وائل؛ ولهذا يقول:

  بِئْسَ الخَلائِفُ بَعْدَنا: ... أَولادُ يَشْكُرَ واللِّقاحُ

  وأَراد باللقاح بني حنيفة، سُمُّوا بذلك لأَنهم لا يَدِينُونَ بالطاعة للملوك، وكانوا قد اعتزلوا حرب بكر وتَغْلِبَ إِلَّا الفِنْدَ الزِّمَّانِيَّ.

  وتَبَرَّح: كَبَرِحَ؛ قال مُلَيحٌ الهُذَليُّ:

  مَكَثْنَ على حاجاتِهنَّ، وقد مَضَى ... شَبابُ الضُّحَى، والعِيسُ ما تَتَبَرَّحُ

  وأَبْرَحَه هو.

  الأَزهري: بَرِحَ الرجلُ يَبْرَحُ بَراحاً إِذا رامَ من موضعه.

  وما بَرِحَ يفعل كذا أَي ما زال، ولا أَبْرَحُ أَفعل ذاك أَي لا أَزال أَفعله.

  وبَرِحَ الأَرضَ: فارَقَها.

  وفي التنزيل: فلن أَبْرَحَ الأَرضَ حتى يَأْذَنَ لي أَبي؛ وقوله تعالى: لن نَبْرَحَ عليه عاكفين أَي لن نَزالَ.

  وحَبِيلُ بَراحٍ: الأَسَدُ كأَنه قد شُدّ بالحبال فلا يَبْرَح، وكذلك الشجاعُ.

  والبَراحُ: الظهور والبيان.

  وبَرِحَ الخَفاء وبَرَحَ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي: ظَهَر؛ قال:

  بَرَحَ الخَفاءُ فما لَدَيَّ تَجَلُّدٌ

  أَي وَضَحَ الأَمر كأَنه ذهب السِّرُّ وزال.

  الأَزهري: بَرِحَ الخَفاء معناه زال الخَفاءُ، وقيل: معناه ظهر ما كان خافياً وانكشف، مأْخوذ من بَراحِ الأَرض، وهو البارز الظاهر، وقيل: معناه ظهر ما كنت أُخْفِي.

  وجاء بالكفر بَراحاً أَي بَيِّناً.

  وفي الحديث: جاء بالكفر بَراحاً أَي جِهاراً، بَرِحَ الخَفاءُ إِذا ظهر، ويروى بالواو.

  وجاءَنا بالأَمر بَراحاً أَي بَيِّناً.

  وأَرض بَراح: واسعة ظاهرة لا نبات فيها ولا عُمرانَ.

  والبَراح، بالفتح: المُتَّسِع من الأَرض لا زرع فيه ولا شجر.

  وبَراحُ وبَراحِ: اسم للشمس، معرفة مثل قَطامِ، سميت بذلك لانتشارها وبيانها؛ وأَنشد قُطْرُبٌ:

  هذا مُقامُ قَدَمَيْ رَباحِ ... ذَبَّبَ حتى دَلَكَتْ بَراحِ

  بَراحِ يعني الشمس.

  ورواه الفراء: بِراحِ، بكسر الباء، وهي باء الجر، وهو جمع راحة وهي الكف أَي اسْتُريحَ منها، يعني أَن الشمس قد غَرَبَتْ أَو زالت فهم يضعون راحاتهم على عيونهم، ينظرون هل غربت أَو زالت.

  ويقال للشمس إِذا غربت: دَلَكَتْ بَراحِ يا هذا، على فَعالِ: المعنى: أَنها زالت وبَرِحَتْ حين غَرَبَتْ، فَبَراحِ بمعنى بارحة، كما قالوا الكلب الصيدِ: كَسابِ بمعنى كاسِبَة، وكذلك حَذامِ بمعنى حاذِمَة.

  ومن قال: دَلَكَتِ الشمسُ بِراحِ، فالمعنى: أَنها كادت تَغْرُبُ؛ قال: وهو قول الفراء؛ قال ابن الأَثير: وهذان القولان، يعني فتح الباء وكسرها، ذكرهما أَبو عبيد والأَزهريُّ والهَرَوِيُّ والزمخشري وغيرهم من مفسري اللغة والغريب، قال: وقد أَخذ بعضُ المتأَخرين القولَ الثاني على الهروي، فظن أَنه قد انفرد به، وخطَّأَه في ذلك، ولم يعلم أَن غيره من الأَئمة قبله وبعده ذهب إِليه؛ وقال الغَنَوِيُّ: