لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[باب الباء]

صفحة 410 - الجزء 2

  بُكْرَةَ حتى دَلَكَتْ بِراحِ

  يعني برائح، فأَسقط الياء، مثل جُرُف هارٍ وهائر.

  وقال المفضل: دَلَكَتْ بَراحِ وبَراحُ، بكسر الحاء وضمها؛ وقال أَبو زيد: دلكت بِراحٍ، مجرور منوَّن، ودلكت بَراحُ، مضموم غير منوّن؛ وفي الحديث: حين دلكتْ بَراحِ.

  ودُلوك الشمس: غروبها.

  وبَرَّحَ بنا فلان تَبْريحاً، وأَبْرَحَ، فهو مُبَرِّحٌ بنا ومُبْرِحٌ: آذانا بالإِلحاح، وفي التهذيب: آذاك بإِلحاح المشقة، والاسم البَرْحُ والتَّبْريحُ، ويوصف به فيقال: أَمر بَرْحٌ؛ قال:

  بنا والهَوَى بَرْحٌ على مَنْ يُغالِبُه

  وقالوا: بَرْحٌ بارِحٌ وبَرْحٌ مُبْرِحٌ، على المبالغة، فإِن دَعَوْتَ به، فالمختار النصب، وقد يرفع؛ وقول الشاعر:

  أَمُنْحَدِراً تَرْمِي بك العِيسُ غُرْبَةً؟ ... ومُصْعِدَةً؟ بَرْحٌ لعينيك بارِحُ

  يكون دعاء ويكون خبراً.

  والبَرْحُ: الشر والعذاب الشديد.

  وبرَّحَ به: عذبه.

  والتباريح: الشدائد، وقيل: هي كُلَفُ المعيشة في مشقة.

  وتَبارِيحُ الشَّوْق: تَوَهُّجُه.

  ولقيت منه بَرْحاً بارِحاً أَي شِدَّةً وأَذىً؛ وفي الحديث: لقينا منه البَرْحَ أَي الشدّة؛ وفي حديث أَهل النَّهْرَوانِ: لَقُوا بَرْحاً؛ قال الشاعر:

  أَجَدِّكَ هذا، عَمْرَك الله كلما ... دَعاكَ الهَوَى؟ بَرْحٌ لعينيك بارِحُ

  وضربه ضرباً مُبَرِّحاً: شديداً، ولا تقل مُبَرَّحاً.

  وفي الحديث: ضَرْباً غير مُبَرِّح أَي غير شاقٍّ.

  وهذا أَبْرَحُ عليّ من ذاك أَي أَشق وأَشدّ؛ قال ذو الرمة:

  أَنيناً وشَكْوَى بالنهارِ كثيرةً ... عليّ، وما يأْتي به الليلُ أَبْرَحُ

  وهذا على طرح الزائد، أَو يكون تعجباً لا فعل له كأَحْنَك الشاتَين.

  والبُرَحاءُ: الشِّدَّة والمشقة، وخص بعضهم به شدّة الحُمَّى؛ وبُرَحايا، في هذا المعنى.

  وبُرَحاءُ الحُمَّى وغيرها: شِدَّة الأَذى.

  ويقال للمحموم الشديد الحُمَّى: أَصابته البُرَحاءُ.

  الأَصمعي: إِذا تمدَّدَ المحمومُ للحُمَّى، فذلك المطوّى، فإِذا ثاب عليها، فهي الرُّحَضاءُ، فإِذا اشتدت الحمى، فهي البُرَحاءُ.

  وفي الحديث: بَرَّحَتْ بي الحمى أَي أَصابني منها البُرَحاءُ، وهو شِدتُها.

  وحديث الإِفْكِ: فأَخذه البُرَحاءُ؛ هو شدّة الكرب من ثِقَلِ الوَحْيِ.

  وفي حديث قتل أَبي رافع اليهودي: بَرَّحَتْ بنا امرأَته بالصِّياح.

  وتقول: بَرَّحَ به الأَمرُ تَبْريحاً أَي جَهَدَه، ولقيت منه بَناتِ بَرْحٍ وبَني بَرْحٍ.

  والبِرَحِينَ والبُرَحِينَ، بكسر الباء وضمها، والبَرَحِينَ أَي الشدائد والدواهي، كأَن واحد البِرَحِينَ بِرَحٌ، ولم ينطق به إِلا أَنه مقدّر، كأَن سبيله أَن يكون الواحد بِرَحة، بالتأْنيث، كما قالوا: داهية ومُنْكَرَة، فلما لم تظهر الهاء في الواحد جعلوا جمعه بالواو والنون، عوضاً من الهاء المقدّرة، وجرى ذلك مجرى أَرضٍ وأَرَضِينَ، وإِنما لم يستعملوا في هذا الإِفرادَ، فيقولوا: بِرَحٌ، واقتصروا فيه على الجمع دون الإِفراد من حيث كانوا يصفون الدواهي بالكثرة والعموم والاشتمال والغلبة؛ والقول في الفِتْكَرِينَ والأَقْوَرِينَ كالقول في هذه؛ ولقيت منه بَرْحاً بارِحاً، ولقيتُ منه ابنَ بَرِيحٍ، كذلك؛ والبَرِيحُ: التَّعَبُ أَيضاً؛ وأَنشد:

  به مَسِيحٌ وبَرِيحٌ وصَخَبْ

  والبَوارِحُ: شدّة الرياح من الشمال في الصيف دون الشتاء، كأَنه جمع بارِحَة، وقيل: البوارح الرياح