لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

فصل الفاء

صفحة 125 - الجزء 1

  قال ابن السِّكِّيت: الظِّل: ما نَسَخَتْه الشمسُ، والفَيْءُ: ما نَسَخَ الشمسَ.

  وحكى أَبو عُبيدةَ عن رُؤْبَة، قال: كلُّ ما كانت عليه الشمسُ فَزالتْ عنه فهو فَيْءٌ وظِلٌّ، وما لم تكن عليه الشمسُ فهو ظِلٌّ.

  وتَفَيَّأَتِ الظِّلالُ أَي تَقَلَّبَتْ.

  وفي التنزيل العزيز: تَتَفَيَّأُ ظِلالُه عن اليَمينِ والشَّمائل.

  والتَّفَيُّؤُ تَفَعُّلٌ من الفَيْءِ، وهو الظِّلُّ بالعَشِيِّ.

  وتَفَيُّؤُ الظِّلالِ: رجُوعُها بعدَ انتصاف النهار وابْتعاثِ الأَشياءِ ظِلالَها.

  والتَّفَيُّؤُ لا يكون إلا بالعَشِيِّ، والظِّلُّ بالغداةِ، وهو ما لَم تَنَلْه الشمس، والفَيْءُ بالعَشِيِّ ما انصَرَفَتْ عنه الشمسُ، وقد بَيَّنه حُمَيد بن ثَور في وصف السَّرْحة، كما أنشدناه آنِفاً.

  وتَفَيَّأَتِ الشجرةُ وفَيَّأَتْ وفاءَتْ تَفْيِئةً: كثرَ فَيْؤُها.

  وتَفَيَّأْتُ أَنا في فَيْئِها.

  والمَفْيُؤَةُ: موضع الفَيْءِ، وهي المَفْيُوءَةُ، جاءَت على الأَصل، وحكى الفارسي عن ثعلب: المَفِيئةَ فيها.

  الأَزهري، الليث: المَفْيُؤَةُ هي المَقْنُؤَةُ من الفَيْءِ.

  وقال غيره يقال: مَقْنَأَةٌ ومَقْنُؤَةٌ للمكان الذي لا تطلع عليه الشمس.

  قال: ولم أَسمع مَفْيُؤَة بالفاء لغير الليث.

  قال: وهي تشبه الصواب، وستذكره في قَنَأَ أَيضاً.

  والمَفْيُوءَةُ: هو المَعْتُوه لزمه هذا الاسم من طول لُزومِه الظِّلَّ.

  وفَيَّأَتِ المرأَةُ شَعَرَها: حرَكَته من الخُيَلاءِ.

  والرِّيح تُفَيِّئُ الزرع والشجر: تحرِّكهما.

  وفي الحديث: مَثَل المؤْمن كخامة الزرع تُفَيِّئُها الرِّيحُ مرةَ هُنا ومرة هنا.

  وفي رواية: كالخامةِ من الزرعِ من حيث أَتَتْها الريحُ تُفَيِّئُها أَي تُحَرِّكُها وتُمِيلُها يميناً وشِمالاً.

  ومنه الحديث: إذا رأَيتم الفَيْءَ على رؤوسهنَّ، يعني النساءَ، مِثْل أَسْنِمة البُخْتِ فأَعْلِمُوهنَّ أَن اللَّه لا يَقْبَلُ لهُن صلاةً.

  شَبَّه رؤُوسهنَّ بأَسْنِمة البُخْت لكثرة ما وَصَلنَ به شعورَهنَّ حتى صار عليها من ذلك ما يُفَيِّئُها أَي يُحَرِّكها خُيلاءً وعُجْباً، قال نافع بن لَقِيط الفَقْعَسِيّ:

  فَلَئِنْ بَلِيتُ فقد عَمِرْتُ كأَنِّني ... غُصْنٌ، تُفَيِّئُه الرِّياحُ، رَطِيبُ

  وفاءَ: رجَع.

  وفاءَ إلى الأَمْرِ يَفِيءُ وفاءَه فَيْئاً وفُيُوءاً: رَجَع إليه.

  وأَفاءَه غيرُه: رَجَعه.

  ويقال: فِئْتُ إلى الأَمر فَيْئاً إذا رَجَعْتَ إليه النظر.

  ويقال للحديدة إذا كَلَّتْ بعد حِدَّتِها: فاءَتْ.

  وفي الحديث: الفَيءُ على ذِي الرَّحِمِ أَي العَطْفُ عليه والرُّجوعُ إليه بالبِرِّ.

  أَبو زيد: يقال: أَفَأْتُ فلاناً على الأَمر إِفاءَةً إذا أَراد أَمْراً، فَعَدَلْتَه إلى أَمْرٍ غيره.

  وأَفَاءَ واسْتَفاءَ كَفَاءَ.

  قال كثير عزة:

  فَأَقْلَعَ مِنْ عَشْرٍ، وأَصْبَحَ مُزْنُه ... أَفَاءَ، وآفاقُ السَّماءِ حَواسِرُ

  وينشد:

  عَقُّوا بسَهْمٍ، ولم يَشْعُر به أَحَدٌ ... ثمَّ اسْتَفاؤُوا، وقالوا حَبَّذا الوَضَحُ

  أَي رَجَعوا عن طَلَبِ التِّرةِ إلى قَبُولِ الدِّيةِ.

  وفلانٌ سَريعُ الفَيْءِ مِن غَضَبِه.

  وفاءَ من غَضَبِه: رَجَعَ، وإِنه لَسَرِيعُ الفَيْءِ والفَيْئةِ والفِيئةِ أَي الرُّجوع، الأَخيرتان عن اللِّحيانِي، وإِنه لَحَسَنُ الفِيئةِ، بالكسر مثل الفِيقَةِ، أَي حَسَنُ الرُّجوع.

  وفي حديث عائشةَ ^ قالت عن زينب: كلُّ خِلالِها مَحْمُودةٌ ما عدا سَوْرةً من حَدٍّ تُسْرِعُ منها الفِيئةَ؛ الفِيئةُ، بوزن الفِيعةِ؛ الحالةُ من الرُّجوعِ