[فصل السين]
  فكم جَرَى من سانِحٍ يَسْنَحُ ... (١)، وبارحاتٍ لم تحر تبرح
  بطير تخبيب، ولا تبرح
  قال شمر: رواه ابن الأَعرابي تَسْنَحُ.
  قال: والسُّنْحُ اليُمْنُ والبَرَكَةُ؛ وأَنشد أَبو زيد:
  أَقول، والطيرُ لنا سانِحٌ ... يَجْرِي لنا أَيْمَنُه بالسُّعُود
  قال أَبو مالك: السَّانِحُ يُتبرك به، والبارِحُ يُتشَاءَمُ به؛ وقج تشاءم زهير بالسانح، فقال:
  جَرَتْ سُنُحاً، فقلتُ لها: أَجِيزي ... نَوًى مَشْمولةً، فمتَى اللِّقاءُ؟
  مشمولة أَي شاملة، وقيل: مشمولة أُخِذَ بها ذاتَ الشِّمالِ.
  والسُّنُحُ: الظباء المَيامِين.
  والسُّنُح: الظباء المَشائيمُ؛ والعرب تختلف في العِيافَةِ، فمنهم من يَتَيَمَّنُ بالسانح ويتشاءم بالبارح؛ وأَنشد الليث:
  جَرَتْ لكَ فيها السانِحاتُ بأَسْعَد
  وفي المثل: مَنْ لي بالسَّانِحِ بعد البارِحِ.
  وسَنَحَ وسانَحَ، بمعنًى؛ وأَورد بيت الأَعشى:
  جَرَتْ لهما طيرُ السِّناحِ بأَشْأَمِ
  ومنهم من يخالف ذلك، والجمع سَوانحُ.
  والسَّنيحُ: كالسانح؛ قال:
  جَرَى، يومَ رُحْنا عامِدينَ لأَرْضِها ... سَنِيحٌ، فقال القومُ: مَرَّ سَنيحُ
  والجمع سُنُحٌ، قال:
  أَبِالسُّنُحِ الأَيامِنِ أَم بنَحْسٍ ... تَمُرُّ به البَوارِحُ حين تَجْرِي؟
  قال ابن بري: العرب تختلف في العيافة؛ يعني في التَّيَمُّنِ بالسانح، والتشاؤم بالبارح، فأَهل نجد يتيمنونَ بالسانح، كقول ذي الرمة، وهو نَجْدِيٌّ:
  خَلِيلَيَّ لا لاقَيْتُما، ما حَيِيتُما ... من الطيرِ إِلَّا السَّانحاتِ وأَسْعَدا
  وقال النابغة، وهو نجدي فتشاءم بالبارح:
  زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحْلَتَنا غَداً ... وبذاكَ تَنْعابُ الغُرابِ الأَسْوَدِ
  وقال كثير، وهو حجازي ممن يتشاءم بالسانح:
  أَقول إِذا ما الطيرُ مَرَّتْ مُخِيفَةً: ... سَوانِحُها تَجْري، ولا أَسْتَثيرُها
  فهذا هو الأَصل، ثم قد يستعمل النجدي لغة الحجازي؛ فمن ذلك قول عمرو بن قميئة، وهو نجدي:
  فبِيني على طَيرٍ سَنِيحٍ نُحوسُه ... وأَشْأَمُ طيرِ الزاجِرينَ سَنِيحُها
  وسَنَحَ عليه يَسْنَحُ سُنُوحاً وسُنْحاً وسُنُحاً، وسَنَحَ لي الظبيُ يَسْنَحُ سُنُوحاً إِذا مَرَّ من مَياسرك إِلى ميَامنك؛ حكى الأَزهري قال: كانت في الجاهلية امرأَة تقوم بسُوقِ عُطاظَ فتنشدُ الأَقوالَ وتَضربُ الأَمثالَ وتُخْجِلُ الرجالَ؛ فانتدب لها رجل، فقال المرأَة ما قالت، فأَجابها الرجل:
  أَسْكَتَاكِ جامِحٌ ورامِحُ ... كالظَّبْيَتَيْنِ سانِحٌ وبارِحُ(٢)
  فَخَجِلَتْ وهَرَبَتْ.
  وسَنَح لي رأْيٌ وشِعْرٌ يَسْنَحُ: عرض لي أَو تيسر؛ وفي حديث عائشة واعتراضها بين يديه في الصلاة، قالت: أَكْرَه أَن أَسْنَحَه أَي أَكره أَن أَستقبله بيديَّ في صلاته، مِن
(١) قوله [فكم جرى الخ] كذا بالأَصل.
(٢) قوله [أسكتاك الخ] هكذا في الأَصل.