لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل السين]

صفحة 491 - الجزء 2

  فكم جَرَى من سانِحٍ يَسْنَحُ ... (⁣١)، وبارحاتٍ لم تحر تبرح

  بطير تخبيب، ولا تبرح

  قال شمر: رواه ابن الأَعرابي تَسْنَحُ.

  قال: والسُّنْحُ اليُمْنُ والبَرَكَةُ؛ وأَنشد أَبو زيد:

  أَقول، والطيرُ لنا سانِحٌ ... يَجْرِي لنا أَيْمَنُه بالسُّعُود

  قال أَبو مالك: السَّانِحُ يُتبرك به، والبارِحُ يُتشَاءَمُ به؛ وقج تشاءم زهير بالسانح، فقال:

  جَرَتْ سُنُحاً، فقلتُ لها: أَجِيزي ... نَوًى مَشْمولةً، فمتَى اللِّقاءُ؟

  مشمولة أَي شاملة، وقيل: مشمولة أُخِذَ بها ذاتَ الشِّمالِ.

  والسُّنُحُ: الظباء المَيامِين.

  والسُّنُح: الظباء المَشائيمُ؛ والعرب تختلف في العِيافَةِ، فمنهم من يَتَيَمَّنُ بالسانح ويتشاءم بالبارح؛ وأَنشد الليث:

  جَرَتْ لكَ فيها السانِحاتُ بأَسْعَد

  وفي المثل: مَنْ لي بالسَّانِحِ بعد البارِحِ.

  وسَنَحَ وسانَحَ، بمعنًى؛ وأَورد بيت الأَعشى:

  جَرَتْ لهما طيرُ السِّناحِ بأَشْأَمِ

  ومنهم من يخالف ذلك، والجمع سَوانحُ.

  والسَّنيحُ: كالسانح؛ قال:

  جَرَى، يومَ رُحْنا عامِدينَ لأَرْضِها ... سَنِيحٌ، فقال القومُ: مَرَّ سَنيحُ

  والجمع سُنُحٌ، قال:

  أَبِالسُّنُحِ الأَيامِنِ أَم بنَحْسٍ ... تَمُرُّ به البَوارِحُ حين تَجْرِي؟

  قال ابن بري: العرب تختلف في العيافة؛ يعني في التَّيَمُّنِ بالسانح، والتشاؤم بالبارح، فأَهل نجد يتيمنونَ بالسانح، كقول ذي الرمة، وهو نَجْدِيٌّ:

  خَلِيلَيَّ لا لاقَيْتُما، ما حَيِيتُما ... من الطيرِ إِلَّا السَّانحاتِ وأَسْعَدا

  وقال النابغة، وهو نجدي فتشاءم بالبارح:

  زَعَمَ البَوارِحُ أَنَّ رِحْلَتَنا غَداً ... وبذاكَ تَنْعابُ الغُرابِ الأَسْوَدِ

  وقال كثير، وهو حجازي ممن يتشاءم بالسانح:

  أَقول إِذا ما الطيرُ مَرَّتْ مُخِيفَةً: ... سَوانِحُها تَجْري، ولا أَسْتَثيرُها

  فهذا هو الأَصل، ثم قد يستعمل النجدي لغة الحجازي؛ فمن ذلك قول عمرو بن قميئة، وهو نجدي:

  فبِيني على طَيرٍ سَنِيحٍ نُحوسُه ... وأَشْأَمُ طيرِ الزاجِرينَ سَنِيحُها

  وسَنَحَ عليه يَسْنَحُ سُنُوحاً وسُنْحاً وسُنُحاً، وسَنَحَ لي الظبيُ يَسْنَحُ سُنُوحاً إِذا مَرَّ من مَياسرك إِلى ميَامنك؛ حكى الأَزهري قال: كانت في الجاهلية امرأَة تقوم بسُوقِ عُطاظَ فتنشدُ الأَقوالَ وتَضربُ الأَمثالَ وتُخْجِلُ الرجالَ؛ فانتدب لها رجل، فقال المرأَة ما قالت، فأَجابها الرجل:

  أَسْكَتَاكِ جامِحٌ ورامِحُ ... كالظَّبْيَتَيْنِ سانِحٌ وبارِحُ⁣(⁣٢)

  فَخَجِلَتْ وهَرَبَتْ.

  وسَنَح لي رأْيٌ وشِعْرٌ يَسْنَحُ: عرض لي أَو تيسر؛ وفي حديث عائشة واعتراضها بين يديه في الصلاة، قالت: أَكْرَه أَن أَسْنَحَه أَي أَكره أَن أَستقبله بيديَّ في صلاته، مِن


(١) قوله [فكم جرى الخ] كذا بالأَصل.

(٢) قوله [أسكتاك الخ] هكذا في الأَصل.