لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل اللام]

صفحة 583 - الجزء 2

  إِذا لم يَزِدِ البناءُ على الفعل كما قال: ماء دافق؛ وقال ابن السكيت: لواقح حوامل، واحدتها لاقح؛ وقال أَبو الهيثم: ريح لاقح أَي ذات لقاح كما يقال درهم وازن أَي ذو وَزْن، ورجل رامح وسائف ونابل، ولا يقال رَمَحَ ولا سافَ ولا نَبَلَ، يُرادُ ذو سيف وذو رُمْح وذو نَبْلٍ؛ قال الأَزهري: ومعنى قوله: أَرسلنا الرياح لواقح أَي حوامل، جعل الريح لاقحاً لأَنها تحمل الماء والسحاب وتقلِّبه وتصرِّفه، ثم تَسْتَدِرُّه فالرياح لواقح أَي حوامل على هذا المعنى؛ ومنه قول أَبي وَجْزَةَ:

  حتى سَلَكْنَ الشَّوَى منهنّ في مَسَكٍ ... من نَسْلِ جَوَّابةِ الآفاقِ، مِهْداجِ

  سَلَكْنَ يعني الأُتُنَ أَدخلن شَوَاهُنَّ أَي قوائمهن في مَسَكٍ أَي فيما صار كالمَسَكِ لأَيديهما، ثم جعل ذلك الماء من نسل ريح تجوب البلاد، فجعل الماء للريح كالولد لأَنها حملته، ومما يحقق ذلك قوله تعالى: هو الذي يُرْسِلُ الرياحَ نُشْراً بين يَدَيْ رَحْمَتِه حتى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالاً أَي حَمَلَتْ، فعلى هذا المعنى لا يحتاج إِلى أَن يكون لاقِحٌ بمعنى ذي لَقْحٍ، ولكنها تَحْمِلُ السحاب في الماء؛ قال الجوهري: رياحٌ لَواقِحُ ولا يقال ملاقِحُ، وهو من النوادر، وقد قيل: الأَصل فيه مُلْقِحَة، ولكنها لا تُلْقِحُ إِلا وهي في نفسها لاقِحٌ، كأَن الرياحَ لَقِحَت بخَيْرٍ، فإِذا أَنشأَتِ السحابَ وفيها خيرٌ وصل ذلك إِليه.

  قال ابن سيده: وريح لاقحٌ على النسب تَلْقَحُ الشجرُ عنها، كما قالوا في ضِدِّه عَقِيم.

  وحَرْب لاقحٌ: مثل بالأُنثى الحامل؛ وقال الأَعشى:

  إِذا شَمَّرَتْ بالناسِ شَهْبَاءُ لاقحٌ ... عَوانٌ شديدٌ هَمْزُها، وأَظَلَّتِ

  يقال: هَمَزَتْه بناب أَي عضَّتْه؛ وقوله:

  وَيْحَكَ يا عَلْقَمةُ بنَ ماعِزِ ... هل لك في اللَّواقِحِ الجَوائِزِ؟

  قال: عنى باللَّواقح السِّياط لأَنه لصٌّ خاطب لِصَّاً.

  وشَقِيحٌ لَقِيحٌ: إِتباع.

  واللِّقْحةُ واللَّقْحةُ: الغُراب.

  وقوم لَقَاحٌ وحَيٌّ لَقاحٌ لم يدِينُوا للملوك ولم يُمْلَكُوا ولم يُصِبهم في الجاهلية سِباءٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

  لَعَمْرُ أَبيكَ والأَنْبَاءُ تَنْمِي ... لَنِعْمَ الحَيُّ في الجُلَّى رِياحُ

  أَبَوْا دِينَ المُلُوكِ، فهم لَقاحٌ ... إِذا هِيجُوا إِلى حَرْبٍ، أَشاحوا

  وقال ثعلب: الحيُّ اللَّقاحُ مشتق من لَقاحِ الناقةِ لأَن الناقة إِذا لَقِحتْ لم تُطاوِع الفَحْلَ، وليس بقويّ.

  وفي حديث أَبي موسى ومُعاذٍ: أَما أَنا فأَتَفَوَّقُه تَفَوُّقَ اللَّقُوحِ أَي أَقرؤه مُتَمَهِّلاً شيئاً بعد شيء بتدبر وتفكر، كاللَّقُوحِ تُحْلَبُ فُواقاً بعد فُواقٍ لكثرة لَبَنها، فإِذا أَتى عليها ثلاثة أَشهر حُلِبتْ غُدْوَةً وعشيًّا.

  الأَزهري: قال شمر وتقول العرب: إِن لي لَقْحَةً تُخْبرني عن لِقاحِ الناس؛ يقول: نفسي تخبرني فَتَصدُقني عن نفوسِ الناس، إِن أَحببت لهم خيراً أَحَبُّوا لي خيراً وإِن أَحببت لهم شرًّا أَحبوا لي شرًّا؛ وقال يزيد بن كَثْوَة: المعنى أَني أَعرف ما يصير إِليه لِقاح الناس بما أَرى من لَقْحَتي، يقال عند التأْكيد للبصير بخاصِّ أُمور الناس وعوامِّها.

  وفي حديث رُقْية العين: أَعوذ بك من شر كل