[فصل الراء]
  والاستهزاء من الكفار حقيقة، وتعليقه بالله ø مجاز، جل ربنا وتقدس عن الاستهزاء بل هو الحق ومنه الحق؛ وكذلك قوله تعالى: يخادعون الله، وهو خادعهم؛ والمُخادَعة من هؤلاء فيما يخيل إِليهم حقيقة، وهي من الله سبحانه مجاز، إِنما الاستهزاء والخَدع من الله ø، مكافأَة لهم؛ ومنه قول عمرو بن كلثوم:
  أَلا لا يَجْهَلَنْ أَحدٌ علينا ... فنَجْهَلَ فوقَ جَهْلِ الجاهِلينا
  أَي إِنما نكافئهُم على جَهْلهم كقوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم؛ وهو باب واسع كبير.
  وكان قوم من العرب يسمَّوْن بني زِنْية فسماهم النبي، ﷺ، ببني رِشْدة.
  والرَّشاد وحب الرشاد: نبت يقال له الثُّفَّاء؛ قال أَبو منصور: أَهل العراق يقولون للحُرْف حب الرشاد يتطيرون من لفظ الحُرْف لأَنه حِرْمان فيقولون حب الرشاد؛ قال: وسمعت غير واحد من العرب يقول للحجر الذي يملأُ الكف الرَّشادة، وجمعها الرَّشاد، قال: وهو صحيح.
  وراشِدٌ ومُرْشِد ورُشَيْد ورُشْد ورَشاد: أَسماء.
  رصد: الراصِدُ بالشيء: الراقب له.
  رَصَدَه بالخير وغيره يَرْصُدُه رَصْداً ورَصَداً: يرقبه، ورصَدَه بالمكافأَة كذلك.
  والتَّرَصُّدُ: الترقب.
  قال الليث: يقال أَنا لك مُرْصِدٌ بإِحسانك حتى أُكافئك به؛ قال: والإِرصاد في المكافأَة بالخير، وقد جعله بعضهم في الشر أَيضاً؛ وأَنشد:
  لاهُمَّ، رَبَّ الراكب المسافر ... احْفَظْه لي من أَعيُنِ السواحر،
  وحَيَّةٍ تُرْصِدُ بالهواجر
  فالحية لا تُرْصِدُ إِلا بالشر.
  ويقال للحية التي تَرْصُد المارة على الطريق لتلسع: رصيد.
  والرَّصِيدُ: السبع الذي يَرْصُد لِيَثِب.
  والرَّصُود من الإِبل: التي تَرْصُد شرب الإِبل ثم تشرب هي.
  والرَّصَدُ: القوم يَرْصُدون كالحَرَس، يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث، وربما قالوا أَرصاد.
  والرُّصْدَة، بالضم: الزُّبْية.
  وقال بعضهم: أَرصَدَ له بالخير والشر، لا يقال إِلا بالأَلف، وقيل: تَرَصَّدَه ترقبه.
  وأَرصَدَ له الأَمر: أَعدّه.
  والارتصاد: الرَّصْد.
  والرَّصَد: المرتَصِدُون، وهو اسم للجمع.
  وقال الله ø: والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين وإِرصاداً لمن حارب الله ورسوله؛ قال الزجاج: كان رجل يقال له أَبو عامر الراهب حارَب النبيَّ، ﷺ، ومضى إِلى هِرَقْلَ وكان أَحد المنافقين، فقال المنافقون الذين بنوا مسجد الضرار: نبني هذا المسجد وننتظر أَبا عامر حتى يجيء ويصلي فيه.
  والإِرصاد: الانتظار.
  وقال غيره: الإِرصاد الإِعداد، وكانوا قد قالوا نَقْضي فيه حاجتنا ولا يعاب علينا إِذا خلونا، ونَرْصُده لأَبي عامر حتى مجيئه من الشام أَي نعدّه؛ قال الأَزهري: وهذا صحيح من جهة اللغة.
  روى أَبو عبيد عن الأَصمعي والكسائي: رصَدْت فلاناً أَرصُدُه إِذا ترقبته.
  وأَرْصَدْت له شيئاً أُرْصِدُه: أَعددت له.
  وفي حديث أَبي ذر: قال له النبي، ﷺ: ما أُحِبُّ عِندي(١).
  مِثلَ أُحُدٍ ذهباً فَأُنفِقَه في سبيل الله، وتمُسي ثالثةٌ وعندي منه دينارٌ إِلَّا دينار أُرْصِدُه أَي أُعِدُّه لدين؛ يقال: أَرصدته إِذا قعدت له على طريقه ترقبه.
  وأَرْصَدْتُ له العقوبة إِذا أَعددتها له، وحقيقتُه جعلتها له على طريقه كالمترقبة له؛ ومنه
(١) قوله [ما أحب عندي] كذا بالأصل ولعله ما أحب ان عندي والحديث جاء بروايات كثيرة.