لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل العين المهملة]

صفحة 320 - الجزء 3

  قال ابن جني، والجمع عِيدانٌ؛ ومما اتفق لفظه واختلف معناه فلم يكن إِيطاءً قولُ بعض المولَّدين:

  يا طِيبَ لَذَّةِ أَيامٍ لنا سَلَفَتْ ... وحُسْنَ بَهْجَةِ أَيامِ الصِّبا عُودِي

  أَيامَ أَسْحَبُ ذَيْلاً في مَفارِقِها ... إِذا تَرَنَّمَ صَوْتُ النَّايِ والعُودِ

  وقهْوَةٍ من سُلافِ الدَّنِّ صافِيَةٍ ... كالمِسْكِ والعَنبَرِ الهِندِيِّ والعُودِ

  تستَلُّ رُوحَكَ في بِرٍّ وفي لَطَفٍ ... إِذا جَرَتْ منكَ مجرى الماءِ في العُودِ

  قوله أَوَّلَ وهْلَةٍ عُودي: طَلَبٌ لها في العَوْدَةِ، والعُودُ الثاني: عُودُ الغِناء، والعُودُ الثالث: المَنْدَلُ وهو العُودُ الذي يتطيب به، والعُودُ الرابع: الشجرة، وهذا من قَعاقعِ ابن سيده؛ والأَمر فيه أَهون من الاستشهاد به أَو تفسير معانيه وإِنما ذكرناه على ما وجدناه.

  والعَوَّادُ: متخذ العِيدانِ.

  وأَما ما ورد في حديث شريح: إِنما القضاء جَمْرٌ فادفعِ الجمرَ عنك بعُودَيْنِ؛ فإِنه أَراد بالعودين الشاهدين، يريد اتق النار بهما واجعلهما جُنَّتَك كما يدفع المُصْطَلي الجمرَ عن مكانه بعود أَو غيره لئلا يحترق، فمثَّل الشاهدين بهما لأَنه يدفع بهما الإِثم والوبال عنه، وقيل: أَراد تثبت في الحكم واجتهد فيما يدفع عنك النار ما استطعت؛ وقال شمر في قول الفرزدق:

  ومَنْ وَرِثَ العُودَيْنِ والخاتَمَ الذي ... له المُلْكُ، والأَرضُ الفَضاءُ رَحْيبُها

  قال: العودانِ مِنْبَرُ النبي، ، وعَصاه؛ وقد ورد ذكر العودين في الحديث وفُسِّرا بذلك؛ وقول الأَسود بن يعفر:

  ولقد عَلِمْت سوَى الذي نَبَّأْتني: ... أَنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ ذي الأَعْوادِ

  قال المفضل: سبيل ذي الأَعواد يريد الموت، وعنى بالأَعواد ما يحمل عليه الميت؛ قال الأَزهري: وذلك إِن البوادي لا جنائز لهم فهم يضمون عُوداً إِلى عُودٍ ويحملون الميت عليها إِلى القبر.

  وذو الأَعْواد: الذي قُرِعَتْ له العَصا، وقيل: هو رجل أَسَنَّ فكان يُحمل في مِحَفَّةٍ من عُودٍ.

  أَبو عدنان: هذا أَمر يُعَوِّدُ الناسَ عليَّ أَي يُضَرِّيهم بِظُلْمي.

  وقال: أَكْرَه تَعَوُّدَ الناسِ عليَّ فَيَضْرَوْا بِظُلْمي أَي يَعْتادُوه.

  وقال شمر: المُتَعَيِّدُ الظلوم؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لطرفة:

  فقال: أَلا ماذا تَرَوْنَ لِشارِبٍ ... شَدِيدٍ علينا سُخطُه مُتَعَيِّدِ؟⁣(⁣١)

  أَي ظلوم؛ وقال جرير:

  يَرَى المُتَعَيِّدُونَ عليَّ دُوني ... أُسُودَ خَفِيَّةَ الغُلْبَ الرِّقابا

  وقال غيره: المُتَعَيِّدُ الذي يُتَعَيَّدُ عليه بوعده.

  وقال أَبو عبد الرحمن: المُتَعَيِّدُ المُتجَنِّي في بيت جرير؛ وقال ربيعة بن مقروم:

  على الجُهَّالِ والمُتَعَيِّدِينا

  قال: والمُتَعَيِّدُ الغَضْبانُ.

  وقال أَبو سعيد: تَعَيِّدَ العائنُ على ما يَتَعَيَّنُ إِذا تَشَهَّقَ عليه وتَشَدَّدَ ليبالغ في إِصابته بعينه.

  وحكي عن أَعرابي: هو لا يُتَعَيَّنُ عليه ولا يُتَعَيَّدُ؛ وأَنشد ابن السكيت:

  كأَنها وفَوْقَها المُجَلَّدُ ... وقِرْبَةٌ غَرْفِيَّةٌ ومِزْوَدُ،


(١) في ديوان طرفة: شديد علينا بغيُه متعمِّدِ.