لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل القاف]

صفحة 347 - الجزء 3

  تكون حصرت حالاً إِلا بإِضمار قد.

  وقال الفراء في قوله تعالى: كيف تكفرون باللَّه وكنتم أَمواتاً، المعنى وقد كنتم أَمواتاً ولولا إِضمار قد لم يجز مثله في الكلام، أَلا ترى أَن قوله ø في سورة يوسف: إِن كان قميصه قُدّ من دبر فكذبت، المعنى فقد كذبت.

  قال الأَزهري: وأَما الحال في المضارع فهو سائغ دون قد ظاهراً أَو مضمراً، قال ابن سيده: فأَما قوله:

  إِذا قِيلَ: مَهْلًا، قال حاجِزُه: قَدِ

  فيكون جواباً كما قدمناه في بيت النابغة وكأَنْ قَدِ، والمعنى أَي قد قطع، ويجوز أَن يكون معناه قَدْك أَي حَسْبُك لأَنه قد فَرَغَ مما أُريد منه فلا معنى لرَدْعِكَ وزَجْرِك، وتكون قد مع الأَفعال الآتية بمنزلة ربما، قال الهذلي:

  قد أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُه ... كأَنّ أَثوابَه مُجَّتْ بِفِرْصادِ

  قال ابن بري: البيت لعبيد بن الأَبرص.

  وتكون قَدْ مثل قَطْ بمنزلة حسب، يقولون: ما لك عندي إِلا هذا فَقَدْ أَي فَقَطْ، حكاه يعقوب وزعم أَنه بدل فتقول قدي وقدني، وأَنشد:

  إِلى حَمامَتِنا ونِصْفُه فَقَدِ

  والقول في قَدْني كالقول في قَطْني، قال حميد الأَرقط:

  قَدْنيَ من نَصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي

  قال الجوهري: وأَما قولهم قَدْكَ بمعنى حَسْبُكَ فهو اسم، تقول قَدِي وقَدْني أَيضاً، بالنون على غير قياس لأَن هذه النون إِنما تُزادُ في الأَفعال وِقايةً لها، مثل ضَرَبني وشَتَمَني، قال ابن بري: وهَمَ الجوهري في قوله إِن النون في قوله قَدْني زيدت على غير قياس وجعَل نون الوقايَةِ مخصوصة بالفعل لا غير، وليس كذلك وإِنما تزاد وِقايَةً لحركة أَو سكون في فعل أَو حرف كقولك في مِنْ وعَنْ إذا أَضفتهما إلى نفسك مِنِّي وعَنِّي فزدت نون الوقاية لتبقى نون من وعن علي سكونها، وكذلك في قد وقط تقول قدني وقطني فتزيد نون الوقاية لتبقى الدال والطاء على سكونهما، قال: وكذلك زادوها في ليت فقالوا ليتني لتبقى حركة التاء على حالها، وكذلك قالوا في ضرب ضربني لتبقى حركة الباء على فتحتها، وكذلك قالوا في اضرب اضربني أَيضاً أَدخلوا نون الوقاية عليه لتبقى الباء على سكونها، وأَراد حميد بالخُبَيْبَينِ عبدَ الله بن الزبير وأَخاه مصعباً، قال ابن بري: والشاهد في البيت أَنه يقال قَدْني وقَدِي بمعنى، وأَما الأَصل قدي بغير نون، وقدني بالنون شاذٌّ أُلحقت النون فيه لضرورة الوزن، قال: فالأَمر فيه بعكس ما قال وأَن قدني هو الأَصل وقدي حذفت النون منه للضرورة.

  وفي صفة جهنم، نعوذ باللَّه منها، فيقال: هلِ امْتَلْاتِ؟ فتقول: هل من مزيد؟ حتى إِذا أُوعِبُوا فيها قالت قَدْقَدْ أَي حَسْبي حَسْبي، ويروى بالطاء بدل الدال وهو بمعناه.

  ومنه حديث التلبية: فيقول قَدْقَدْ بمعنى حَسْبُ، وتكرارها لتأْكيد الأَمر، ويقول المتكلم: قدي أَي حسبي، والمخاطِب: قَدْكَ أَي حسبك.

  وفي حديث عمر، ¥، أَنه قال لأَبي بكر، ¥: قَدْكَ يا أَبا بكر.

  قال: وتكون قد بمنزلة ما فيُنفى بها، سُمِعَ بعض الفصحاء يقول:

  قد كنتَ في خَيْرٍ فَتَعْرِفَه

  وإِن جعلت قَدْ اسماً شددته فتقول: كتبت قَدّاً حَسَنَةً وكذلك كي وهو ولو لأَن هذه الحروف لا دليل على ما نقص منها، فيجب أَن يزاد في أَواخرها ما هو من جنسها ويُدْغَمَ، إِلا في الأَلف فإِنك