لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل الصاد المهملة]

صفحة 439 - الجزء 4

  حَبَسْته. قال الله تعالى: واصْبِرْ نفسَك مع الذينَ يَدْعُون رَبَّهم.

  والتَّصَبُّرُ: تكلُّف الصَّبْرِ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:

  أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها ... تُبَكِّي على زَيْدٍ، ولَيْسَتْ بَأَصْبَرَا

  أَراد: وليست بأَصْبَرَ من ابنها، بل ابنها أَصْبَرُ منها لأَنه عاقٌّ والعاقُّ أَصبَرُ من أَبَوَيْه.

  وتَصَبَّر وآصْطَبَرَ: جعل له صَبْراً.

  وتقول: آصْطَبَرْتُ ولا تقول اطَّبَرْتُ لأَن الصاد لا تدغم في الطاء، فإِن أَردت الإِدغام قلبت الطاء صاداً وقلت اصَّبَرْتُ.

  وفي الحديث عن النبي، ، أَن الله تعالى قال: إِنِّي أَنا الصَّبُور؛ قال أَبو إِسحق: الصَّبُور في صفة الله ø الحَلِيم.

  وفي الحديث: لا أَحَدَ أَصْبَرُ على أَذًى يَسْمَعُه من الله ø؛ أَي أَشدّ حِلْماً على فاعِل ذلك وترك المُعاقبة عليه.

  وقوله تعالى: وتَتَواصَوْا بالصَّبْرِ؛ معناه: وتَوَاصَوْا بالصبر على طاعة الله والصَّبْرِ على الدخول في مَعاصِيه.

  والصَّبْرُ: الجَراءة؛ ومنه قوله ø: فما أَصْبَرَهُمْ على النار؛ أَي ما أَجْرَأَهُم على أَعمال أَهل النار.

  قال أَبو عمرو: سأَلت الحليحي عن الصبر فقال: ثلاثة أَنواع: الصَّبْرُ على طاعة الجَبَّار، والصَّبْرُ على معاصِي⁣(⁣١).

  الجَبَّار، والصَّبر على الصَّبر على طاعته وتَرْك معصيته.

  وقال ابن الأَعرابي: قال عُمر: أَفضل الصَّبر التَّصَبر.

  وقوله: فَصَبْرٌ جَمِيل؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل.

  وقوله ø: اصْبِرُوا وصَابِرُوا؛ أَي اصْبِرُوا واثْبُتُوا على دِينِكم، وصابروا أَي صابروا أَعداءَكُم في الجِهاد.

  وقوله ø: اسْتَعِينوا بالصَّبْرِ؛ أَي بالثبات على ما أَنتم عليه من الإِيمان.

  وشَهْرُ الصَّبْرِ: شهر الصَّوْم.

  وفي حديث الصَّوْم: صُمْ شَهْرَ الصَّبْر؛ هُوَ شهرُ رمضان وأَصل الصَّبْرِ الحَبْس، وسُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فيه من حَبْس النفس عن الطَّعام والشَّرَاب والنِّكاح.

  وصَبَرَ به يَصْبُرُ صَبْراً: كَفَلَ، وهو بِه صَبِيرٌ والصَّبِيرُ: الكَفِيل؛ تقول منه: صَبَرْتُ أَصْبُرُ، بالضَّم، صَبْراً وصَبَارة أَي كَفَلْت به، تقول منه: اصْبُرْني يا رجل أَي أَعْطِنِي كَفِيلاً.

  وفي حديث الحسَن: مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ به رَهْناً ولا صَبِيراً؛ هو الكفِيل.

  وصَبِير القوم: زَعِيمُهم المُقَدَّم في أُمُورِهم، والجمع صُبَراء.

  والصَّبِيرُ: السحاب الأَبيض الذي يصبرُ بعضه فوق بعض درجاً؛ قال يصِف جَيْشاً:

  كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِير

  قال ابن بري: هذا الصدر يحتمل أَن يكون صدراً لبيت عامر بن جوين الطائي من أَبيات:

  وجارِيَةٍ من بَنَات المُلُوك ... قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها

  كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ ... تأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها

  قال: أَي رُبَّ جارية من بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا أَغَرْت عليهم فهَرَبَتْ وعَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها، ولم تكن قبل ذلك تَعْدُو.

  وقوله: كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ أَي هذه الجارية كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة السَّحاب.

  وتأْتالُه أَي تُصْلِحُه، وأَصله تأْتَوِلُه من الأَوْل وهو الإِصْلاح، ونصب


(١) قوله: [الحليحي] وقوله: [والصبر على معاصي إلخ] كذا بالأَصل.