[فصل الصاد المهملة]
  حَبَسْته. قال الله تعالى: واصْبِرْ نفسَك مع الذينَ يَدْعُون رَبَّهم.
  والتَّصَبُّرُ: تكلُّف الصَّبْرِ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
  أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها ... تُبَكِّي على زَيْدٍ، ولَيْسَتْ بَأَصْبَرَا
  أَراد: وليست بأَصْبَرَ من ابنها، بل ابنها أَصْبَرُ منها لأَنه عاقٌّ والعاقُّ أَصبَرُ من أَبَوَيْه.
  وتَصَبَّر وآصْطَبَرَ: جعل له صَبْراً.
  وتقول: آصْطَبَرْتُ ولا تقول اطَّبَرْتُ لأَن الصاد لا تدغم في الطاء، فإِن أَردت الإِدغام قلبت الطاء صاداً وقلت اصَّبَرْتُ.
  وفي الحديث عن النبي، ﷺ، أَن الله تعالى قال: إِنِّي أَنا الصَّبُور؛ قال أَبو إِسحق: الصَّبُور في صفة الله ø الحَلِيم.
  وفي الحديث: لا أَحَدَ أَصْبَرُ على أَذًى يَسْمَعُه من الله ø؛ أَي أَشدّ حِلْماً على فاعِل ذلك وترك المُعاقبة عليه.
  وقوله تعالى: وتَتَواصَوْا بالصَّبْرِ؛ معناه: وتَوَاصَوْا بالصبر على طاعة الله والصَّبْرِ على الدخول في مَعاصِيه.
  والصَّبْرُ: الجَراءة؛ ومنه قوله ø: فما أَصْبَرَهُمْ على النار؛ أَي ما أَجْرَأَهُم على أَعمال أَهل النار.
  قال أَبو عمرو: سأَلت الحليحي عن الصبر فقال: ثلاثة أَنواع: الصَّبْرُ على طاعة الجَبَّار، والصَّبْرُ على معاصِي(١).
  الجَبَّار، والصَّبر على الصَّبر على طاعته وتَرْك معصيته.
  وقال ابن الأَعرابي: قال عُمر: أَفضل الصَّبر التَّصَبر.
  وقوله: فَصَبْرٌ جَمِيل؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل.
  وقوله ø: اصْبِرُوا وصَابِرُوا؛ أَي اصْبِرُوا واثْبُتُوا على دِينِكم، وصابروا أَي صابروا أَعداءَكُم في الجِهاد.
  وقوله ø: اسْتَعِينوا بالصَّبْرِ؛ أَي بالثبات على ما أَنتم عليه من الإِيمان.
  وشَهْرُ الصَّبْرِ: شهر الصَّوْم.
  وفي حديث الصَّوْم: صُمْ شَهْرَ الصَّبْر؛ هُوَ شهرُ رمضان وأَصل الصَّبْرِ الحَبْس، وسُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فيه من حَبْس النفس عن الطَّعام والشَّرَاب والنِّكاح.
  وصَبَرَ به يَصْبُرُ صَبْراً: كَفَلَ، وهو بِه صَبِيرٌ والصَّبِيرُ: الكَفِيل؛ تقول منه: صَبَرْتُ أَصْبُرُ، بالضَّم، صَبْراً وصَبَارة أَي كَفَلْت به، تقول منه: اصْبُرْني يا رجل أَي أَعْطِنِي كَفِيلاً.
  وفي حديث الحسَن: مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ به رَهْناً ولا صَبِيراً؛ هو الكفِيل.
  وصَبِير القوم: زَعِيمُهم المُقَدَّم في أُمُورِهم، والجمع صُبَراء.
  والصَّبِيرُ: السحاب الأَبيض الذي يصبرُ بعضه فوق بعض درجاً؛ قال يصِف جَيْشاً:
  كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِير
  قال ابن بري: هذا الصدر يحتمل أَن يكون صدراً لبيت عامر بن جوين الطائي من أَبيات:
  وجارِيَةٍ من بَنَات المُلُوك ... قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها
  كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ ... تأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها
  قال: أَي رُبَّ جارية من بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا أَغَرْت عليهم فهَرَبَتْ وعَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها، ولم تكن قبل ذلك تَعْدُو.
  وقوله: كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ أَي هذه الجارية كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة السَّحاب.
  وتأْتالُه أَي تُصْلِحُه، وأَصله تأْتَوِلُه من الأَوْل وهو الإِصْلاح، ونصب
(١) قوله: [الحليحي] وقوله: [والصبر على معاصي إلخ] كذا بالأَصل.