[فصل الثاء المثلثة]
  قال الراعي: مُشْرفة المَثاب دَحُولا
  قال الأَزهري: وسمعت العرب تقول: الكَلأُ بمَواضِعِ كذا وكذا مثل ثائِبِ البحر: يَعْنُون أَنه غَضٌّ رَطْبٌ كأَنه ماءُ البحر إذا فاضَ بعد جزْرٍ.
  وثابَ أَي عادَ ورَجَع إلى مَوْضِعِه الذي كان أَفْضَى إليه.
  ويقال: ثابَ ماءُ البِئر إذا عادَتْ جُمَّتُها.
  وما أَسْرَعَ ثابَتَها.
  والمَثابةُ: الموضع الذي يُثابُ إليه أَي يُرْجَعُ إليه مرَّة بعد أُخرى.
  ومنه قوله تعالى: وإذ جَعَلْنا البيتَ مَثابةً للناسِ وأَمْناً.
  وإنما قيل للمنزل مَثابةٌ لأَنَّ أَهلَه يَتَصَرَّفُون في أُمُورهم ثم يَثُوبون إليه، والجمع المَثابُ.
  قال أَبو إسحق: الأَصل في مَثابةٍ مَثْوَبةٌ ولكن حركةَ الواو نُقِلَت إلى الثاء وتَبِعَت الواوُ الحركةَ، فانقَلَبَتْ ألفاً.
  قال: وهذا إعلال باتباع باب ثابَ، وأَصل ثابَ ثَوَبَ، ولكن الواو قُلبت أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها.
  قال: لا اختلاف بين النحويين في ذلك.
  والمَثابةُ والمَثابُ: واحد، وكذلك قال الفرَّاءُ، وأَنشد الشافعي بيت أَبي طالب:
  مَثاباً لأَفْناءِ القَبائِلِ كلِّها ... تَخُبُّ إليه اليَعْمَلَاتُ الذَّوامِلُ
  وقال ثعلب: البيتُ مَثابةٌ.
  وقال بعضهم: مَثُوبةٌ ولم يُقرأ بها.
  ومَثابةُ الناسِ ومثابُهم: مُجتَمَعُهم بعد التِّفَرُّق.
  وربما قالوا لموضع حِبالة الصائد مَثابة.
  قال الراجز:
  مَتَى مَتَى تُطَّلَعُ المَثابا ... لَعَلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابَا
  يعني بالشَّيْخِ الوَعِلَ.
  والثُّبةُ: الجماعةُ من الناس، من هذا.
  وتُجْمَعُ ثُبَةٌ ثُبًى، وقد اختلف أَهل اللغة في أَصلها، فقال بعضهم: هي من ثابَ أَي عادَ ورَجَعَ، وكان أَصلها ثَوُبةً، فلما ضُمت الثاءُ حُذفت الواو، وتصغيرها ثُوَيْبةٌ.
  ومن هذا أُخذ ثُبةُ الحَوْض.
  وهو وسَطُه الذي يَثُوب إليه بَقِيَّةُ الماء.
  وقوله ø: فانْفِرُوا ثُباتٍ أَو انْفروا جميعاً.
  قال الفرّاءُ: معناه فأنْفِرُوا عُصَباً، إذا دُعِيتم إلى السَّرايا، أَو دُعِيتم لتَنْفِروا جميعاً.
  وروي أَنَّ محمد بن سلام سأَل يونس عن قوله ø: فانْفِروا ثُباتٍ أَو انْفِرُوا جميعاً.
  قال: ثُبَةٌ وثُباتٌ أَي فِرْقةٌ وفِرَقٌ.
  وقال زهير:
  وقد أَغْدُو على ثُبَةٍ كِرامٍ ... نَشاوَى، واجِدِينَ لِما نَشاءُ
  قال أَبو منصور: الثُّباتُ جَماعاتٌ في تَفْرِقةٍ، وكلُّ فِرْقةٍ ثُبةٌ، وهذا من ثابَ.
  وقال آخرون: الثُّبةُ من الأَسْماء الناقصة، وهو في الأَصل ثُبَيةٌ، فالساقط لام الفعل في هذا القول، وأَما في القول الأَوّل، فالساقِطُ عين الفعل.
  ومَن جعل الأَصل ثُبَيةً، فهو من ثَبَّيْتُ على الرجل إذا أَثْنَيْتَ عليه في حياتِه، وتأَوِيلُه جَمْعُ مَحاسِنِه، وإنما الثُّبةُ الجماعةُ.
  وثاب القومُ: أَتَوْا مُتواتِرِين، ولا يقالُ للواحد.
  والثَّوابُ: جَزاءُ الطاعةِ، وكذلك المَثُوبةُ.
  قال اللَّه تعالى: لَمَثُوبةٌ مِن عندِ اللَّه خَيْرٌ.
  وأَعْطاه ثَوابَه ومَثُوبَتَه ومَثْوَبَتَه أَي جَزاءَ ما عَمِلَه.
  وأَثابَه اللَّه ثَوابَه وأَثْوَبَه وثوَّبَه مَثُوبَتَه: أَعْطاه إيّاها.
  وفي التنزيل العزيز: هل ثُوِّبَ الكُفَّارُ ما