[فصل الطاء المهملة]
  هو من التطوع المُشَامِ للتوكيد لأَنه قد عُلِم أَن الطَّيَرانَ لا يكون إِلا بالجَناحَيْنِ، وقد يجوز أَن يكون قوله بِجناحَيْه مُفِيداً، وذلك أَنه قد قالوا:
  طارُوا عَلاهُنَّ فَشُكْ عَلاها
  وقال العنبري:
  طارُوا إِليه زَرَافاتٍ ووُحْدانا
  ومن أَبيات الكتاب:
  وطِرْتُ بمُنْصُلي في يَعْمَلاتٍ
  فاستعملوا الطَّيَرانَ في غير ذي الجناح.
  فقوله تعالى: ولا طائرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْه؛ على هذا مُفِيدٌ، أَي ليس الغرَضُ تَشْبِيهَه بالطائر ذي الجناحَيْنِ بل هو الطائرُ بِجَناحَيْه البَتَّةَ.
  والتَّطايُرُ: التَّفَرُّقُ والذهابُ، ومنه حديث عائشة، ^: سَمِعَتْ مَنْ يَقُول إِن الشؤْم في الدار والمرأَةِ فطارَتْ شِقَّةٌ منها في السماء وشِقَّةٌ في الأَرض أَي كأَنها تفَرَّقَتْ وتقَطَّعَتْ قِطَعاً من شِدّة الغَضَبِ.
  وفي حديث عُرْوة: حتى تَطَايرتْ شُؤُون رَأْسه أَي تَفَرَّقَتْ فصارت قِطَعاً.
  وفي حديث ابن مسعود: فَقَدْنا رسولَ الله، ﷺ، فقُلْنا اغْتِيلَ أَو اسْتُطِيرَ أَي ذُهِبَ به بسُرْعَةٍ كأَنَّ الطيرَ حَمَلَتْه أَو اغْتالَه أَحَدٌ.
  والاسْتِطارَةُ والتَّطايُرُ: التفرُّقُ والذهابُ.
  وفي حديث علي، كرّم الله تعالى وجهه: فأَطَرْتُ الحُلَّةَ بَيْنَ نِسَائي أَي فَرَّقْتُها بَيْنهن وقَسّمتها فيهن.
  قال ابن الأَثير: وقيل الهمزة أَصلية، وقد تقدم.
  وتطايَرَ الشيءُ: طارَ وتفرَّقَ.
  ويقال للقوم إِذا كانوا هادئينَ ساكِنينَ: كأَنما على رؤوسهم الطَّيْرُ؛ وأَصله أَن الطَّيرَ لا يَقَع إِلا على شيء ساكن من المَوَاتِ فضُرِبَ مثَلاً للإِنسان ووَقارِه وسكُونِه.
  وقال الجوهري: كأَنَّ على رؤوسِهم الطَّيرَ، إِذا سَكَنُوا من هَيْبةٍ، وأَصله أَن الغُراب يقَعُ على رأْسِ البَعيرِ فيلتقط منه الحَلَمَةَ والحَمْنانة، فلا يُحَرِّكُ البعيرُ رأْسَه لئلَّا يَنْفِر عنه الغُرابُ.
  ومن أَمثالهم في الخصْب وكثرةِ الخير قولهم: هو في شيء لا يَطِيرُ غُرَابُه.
  ويقال: أُطِيرَ الغُرابُ، فهو مُطارٌ؛ قال النابغة:
  ولِرَهْطِ حَرَّابٍ وقِدٍّ سَوْرةٌ ... في المَجْدِ، ليس غرابُها بمُطارِ
  وفلان ساكنُ الطائِر أَي أَنه وَقُورٌ لا حركة له من وَقارِه، حتى كأَنه لو وَقَعَ عليه طائرٌ لَسَكَنَ ذلك الطائرُ، وذلك أَن الإِنسان لو وقع عليه طائرٌ فتحرك أَدْنى حركةٍ لفَرَّ ذلك الطائرُ ولم يسْكُن؛ ومنه قول بعض أَصحاب النبي، ﷺ: إِنّا كنا مع النبي، ﷺ، وكأَنَّ الطير فوقَ رؤوسِنا أَي كأَنَّ الطيرَ وقَعَتْ فوق رؤوسِنا فنحْن نَسْكُن ولا نتحرّك خَشْيةً من نِفارِ ذلك الطَّيْرِ.
  والطَّيْرُ: الاسمُ من التَّطَيّر، ومنه قولهم: لا طَيْرَ إِلَّا طَيْرُ الله، كما يقال: لا أَمْرَ إِلَّا أَمْرُ الله؛ وأَنشد الأَصمعي، قال: أَنشدناه الأَحْمر:
  تَعَلَّمْ أَنه لا طَيرَ إِلَّا ... على مُتَطيِّرٍ، وهو الثُّبورُ
  بلى شَيءٌ يُوافِقُ بَعْضَ شيءٍ ... أَحايِيناً، وباطلُه كَثِيرُ
  وفي صفة الصحابة، رضوان الله عليهم: كأَن على رؤوسهم الطَّيْرَ؛ وصَفَهم بالسُّكون والوقار وأَنهم لم يكن فيهم طَيْشٌ ولا خِفَّةٌ.
  وفي فلان طِيْرةٌ وطَيْرُورةٌ أَي خِفَّةٌ وطَيْشٌ؛ قال الكميت: