لسان العرب،

ابن منظور (المتوفى: 711 هـ)

[فصل العين المهملة]

صفحة 619 - الجزء 4

  قال: والعارِيّة منسوبة إِلى العارَة، وهو اسم من الإِعارة.

  تقول: أَعَرْتُه الشيء أُعِيره إِعارة وعَارةً، كما قالوا: أَطَعْتُه إِطاعة وطاعة وأَجَبْتُه إِجابة وجابة؛ قال: وهذا كثير في ذوات الثلاثة، منها العارة والدَّارة والطاقة وما أَشبهها.

  ويقال: اسْتَعَرْت منه عارِيّةً فأَعارَنِيها؛ قال الجوهري: العارِيّة، بالتشديد، كأَنها منسوبة إِلى العارِ لأَن طلَبَها عارٌ وعيْبٌ؛ وينشد:

  إِنما أَنْفُسُنا عاريّة ... والعَواريّ قصارٌ أَن تُرَدّ

  العارةُ: مثل العارِيّة؛ قال ابن مقبل:

  فأَخْلِفْ وأَتْلِفْ، إِنما المالُ عارةٌ ... وكُلْه مع الدَّهْرِ الذي هو آكِلُه

  واستعارَه ثوباً فأَعَارَه أَباه، ومنه قولهم: كِيرٌ مُسْتعار؛ وقال بشر بن أَبي خازم:

  كأَن حَفِيفَ مَنْخِره، إِذا ما ... كَتَمْنَ الرَّبْوَ، كِيرٌ مُسْتَعارُ

  قيل: في قوله مستعار قولان: أَحدهما أَنه اسْتُعِير فأُشْرِع العملُ به مبادرة لارتجاع صاحبه إِيَّاه، والثاني أَن تجعله من التَّعاوُرِ.

  يقال: اسْتَعَرْنا الشيء واعْتَوَرْناه وتَعاوَرْنَاه بمعنى واحد، وقيل: مُسْتَعار بمعنى مُتعاوَر أَي مُتداوَل.

  ويقال: تَعاوَرَ القومُ فلاناً واعْتَوَرُوه ضَرْباً إِذا تعاونوا عليه فكلما أَمْسَكَ واحد ضربَ واحدٌ، والتعاوُر عامٌّ في كل شيء.

  وتَعاوَرت الرياحُ رَسْمَ الدار حتى عَفَّتْه أَي تَواظَبت عليه؛ قال ذلك اللليث؛ قال الأَزهري: وهذا غلط، ومعنى تعاوَرت الرياحُ رَسْمَ الدار أَي تَداوَلَتْه، فمرَّةً تهب جَنوباً ومرة شَمالاً ومرَّة قَبُولاً ومرة دَبُوراً؛ ومنه قول الأَعشى:

  دِمْنة قَفْزة، تاوَرها الصَّيْفُ ... برِيحَيْنِ من صَباً وشَمالِ

  قال أَبو زيد: تعاوَرْنا العَوارِيَّ تعاوُراً إِذا أَعارَ بعضُكم بعضاً، وتَعَوَّرْنا تَعوُّراً إِذا كنت أَنت المُسْتَعِيرَ، وتَعاوَرْنا فلاناً ضَرْباً إِذا ضربته مرة ثم صاحبُك ثم الآخرُ.

  وقال ابن الأَعرابي: التَّعاوُرُ والاعْتِوَرُ أَن يكون هذا مكان هذا، وهذا مكان هذا.

  يقال: اعْتَوَراه وابْتدّاه هذا مرة وهذا مرة، ولا يقال ابْتَدّ زيد عمراً ولا اعْتَوَرَ زيدٌ عمراً.

  أَبو زيد: عَوَّرْت عن فلان ما قيل له تَعْوِيراً وعَوَّيْت عنه تَعْوِيةً أَي كذّبت عنه ما قيل له تكذيباً ورَدَدْت.

  وعَوّرْته عن الأَمر: صرَفته عنه.

  والأَعْوَرُ: الذي قد عُوِّرَ ولم تُقْضَ حاجتُه ولم يُصِبْ ما طلب وليس من عَوَر العين؛ وأَنشد للعجاج:

  وعَوَّرَ الرحمنُ مَن وَلَّى العَوَرْ

  ويقال: معناه أَفسد من وَلَّاه وجعله وَليَّاً للعَوَر، وهو قبح الأَمر وفسادُه.

  تقول: عَوَّرْت عليه أَمَره تَعْوِيراً أَي قَبَّحْته عليه.

  والعَوَرُ: تَرْكُ الحقّ.

  ويقال: عَاوَرَه الشيءَ أَي فعلَ به مثلَ ما فعل صاحبُه به.

  وعوراتُ الجبال: شقوقها؛ وقول الشاعر:

  تَجاوَبَ بُومُها في عَوْرَتَيْها ... إِذا الحِرْباء أَوْفى للتَّناجي⁣(⁣١)


(١) قوله: [تجاوب بومها إلخ] في شرح القاموس ما نصه: هكذا أَنشده الجوهري في الصحاح. وقال الصاغاني: والصواب غورتيها، بالغين معجمة، وهما جانبتاها. وفي البيت تحريف والرواية: أَوفى للبراح، والقصيدة حائية، والبيت لبشر بن أَبي خازم.